الطاعه الزوجيه
صفحة 1 من اصل 1
الطاعه الزوجيه
إن طاعة الزوجة لزوجها مجلبة للهناءة والرخاء ، وأما النشوز فيولد الشحناء والبغضاء ويوجب النفور ويفسد العواطف وينشيء القسوة ويلحق بالمرأة البلاء ، وإن الزوجة كلما أخلصت في طاعة زوجها إزداد الحب والولاء وتوارث ذلك الأبناء فساد جو السعادة وانقشع جو الشحناء ، وقد جاء في الأثر
( جهاد المرأة حسن التبعل ) أي أن أفضل عمل للمرأة وينزلها منزلة الجهاد طاعتها لزوجها وحسن تزينها له فيصدق بها قوله صلى الله عليه وسلم عن أفضل النساء (التي تطيع زوجها إذا أمر وتسره إذا نظر) ، ورغم ما تعرضت له الديانات السماوية الأخرى من تحريف إلاّ أن المادة 414 من الأحكام العبرية جاءت لتؤكد على وجوب طاعة الزوجة لزوجها معتبره أن الطاعة حق تام للزوج على الزوجة وليس لها مخالفته بل الإذعان له في كل شيء كما الجاريه لسيدها ، وفي العدد 22 من الإصحاح الخامس من رسالة بولص الرسول إلى أهل إفسيس جاءت دعوةً لوجوب خضوع النساء لرجالها لأن الرجل هو رأس المرأة .
من هنا فإن من لوازم طاعة الزوجة لزوجها إلتزامها بكل ما من شأنه رضاه وجلب السعادة إلى البيت ونشر الحب فيه ، فليس لها أن تقوم بأي عمل من شأنه تعكير صفو الحياة الزوجية ورفض أي مطلب للزوج ما إلتزم حدود الشرع فيه ، وقد ذكر الفقهاء أنه لا يجوز للزوجة الخروج من البيت إلاّ بإذن الزوج وإن عليها القيام بواجباتها إتجاه تربية الأولاد تربيه صالحه وأن تكون حريصه على مال الزوج فلا تبذر ولا تسرف بغير وجه حق ، وإن عليها حسن معاشرة أهل الزوج واحترام مشاعره والوفاء له .
أما معصية الزوجة لزوجها يجعلها مصدر شقاءٍ وبؤس ، وقد قال سيدنا داوود عليه السلام في وصف زوجة السوء : أن المرأة السوء مثل شرك الصياد لا ينجو منها إلاّ من رضي الله تعالى عنه ، وكان يقول عليه السلام في دعائه ( اللهم إني أسألك أربعاً وأعوذ بك من أربع : أسألك لساناً صادقاً وقلباً خاشعاً وبدناً صابراً وزوجةً تعينني على أمر دنيايّ وأمر آخرتي ، وأعوذ بك من ولدٍ يكون عليّ سيداً ومن زوجةٍ تشيبني قبل وقت المشيب ومن مالٍ يكون مشبعةً لغيري بعد موتي ويكون حسابه في قبري ، ومن جار سوءٍ إن رأى حسنةً كتمها وإن رأى سيئةً أذاعها وأفشاها ) .
إن الطاعة من قبل الزوجة لزوجها إذن هي أساس قوة الحياة الزوجية واستمرارها ، مع التأكيد على أن لفظة الطاعة وإن تضمن معناها الإنقياد والموافقة ، إلاّ أنها ليس فيها إنتقاص لإنسانية المرأة وكرامتها ، بل جاءت الطاعة كثمره واجبه من ثمار عقد الزواج ، وهذا ما يجعلها حقاً للزوج على الزوجة إلاّ أن هذا الحق يجب أن لا يصحبه الإساءة في إستخدامه إذ يتوجب على الزوج صاحب هذا الحق أن يحسن معاملة زوجته ويعاشرها بالمعروف ، فالإسلام صان وحفظ لها كرامتها وكيانها ومشاعرها .
لكن يبدو أن الحياة الزوجية تتعرض أحياناً لهزات تعكر صفوها وتنشيء جواً مشحوناً بين الزوجين ، تثور معه زوبعة الخلافات وتخيم على البيت ضبابية تكون نتيجتها اللجوء إلى القضاء ، فغالباً ما تنشأ بين الزوجين خلافات تضطر الزوج لإستخدام حقه في طلب الزوجة للطاعة من خلال إقامة دعوى الطاعة أمام المحاكم الشرعية والسير بها حسب الإجراءات القانونية والتي تنتهي إن صحت حيثيات دعواه إلى الحكم على الزوجة بالطاعة الزوجية والعيش مع الزوج حيث يسكن في البيت الزوجي الشرعي ، وإننا في هذا البحث سوف نسلط الأضواء على مختلف القضايا والمسائل المتعلقة بالطاعة الزوجية ودعوى الطاعة للوقوف على أسباب هذه الظاهرة ونقصد بذلك : رفض المرأة الطاعة في البيت الشرعي مما يجعلها ناشزاً إن ثبت صحة دعوى المدعي سعياً منا لوضع الحد من إنتشار هذه الظاهره وتقليصها لما لها الأثر السلبي الكبير على المجتمع والحياة الأسرية من خلال عدد من الملاحظات والتعقيبات التي نرى فيها علاجاً لما نراه خللاً وسبباً من أسباب هذه الظاهرة .
لقد إعتمدنا في بحثنا هذا على عدة مصادرٍ فقهيه وقانونيه تشرح قضية الطاعة وتتناولها من عدة زوايا ، وقد ركزنا في جل بحثنا على القرارات القضائية والإستئنافيه وقانون الأحوال الشخصية في تحديد الموقف وبناء الرأي حول كل مسأله وكلنا أمل في أن نكون قد وفقنا في توضيح الصورة واستكمال حلقات البحث الذي نحن بصدده .
العقد لغة : هو الربط والشد والتوثيق والاحكام والقوة والجمع بين شيئين ، فقال عقدت الحبل أي شددته وقوته وجمعت بين طرفيه ، وهذا هو المعنى الحسي للربط ، أما المعنى المعنوي له فهو القائم بين متعاقدين في شيء كالتعاقد على البيع أو العهد فيكون هنا معنى الربط : الإلزام والإرتباط فيما يتم التعاقد عليه ويدخل في معنى العقد الزام الشخص نفسه في شيء بعقده اليمين على فعل أو قول أمر من الأمور مستقبلاً .
العقد فقهاً : هو الربط بين كلامين صادرين من شخصين على وجه يترتب عليه أثره الشرعي وهو انشاء الالتزام الشرعي المطلوب لهذين الشخصين أو لأحدهما ، وهذا المعنى يتفق مع مفهوم القانونين للعقد حيث يعتبرونه بأنه توافق ارادتين على احداث أثر قانوني من انشاء الالتزام أو نقله او تعديله أو انهائه ، كالبيع والحواله وتأجيل الدين والابراء من الدين أو فسخ الاجاره او البيع ، ويمكن ان تتحقق ارادة العاقدين بصريح العبارة أو الاشارة أو الفعل
العقد في مجله الأحكام العدلية : التزام المتعاقدين أمراً وتعهدهما به وهو عبارة عن ارتباط الايجاب والقبول ، والانعقاد تعلق كل من الايجاب والقبول بالآخر على وجه مشروع يظهر أثره في متعلقهما .
العلاقة بين العقد والاتفاق : يرى الفقهاء أن :-
الاتفاق :- هو أعم من العقد إذ أن الاتفاق هو توافق ارادتين أو اكثر على انشاء التزام او نقله او تعديله او انهائه .
أما العقد :- فهو توافق ارادتين على انشاء التزام أو على نقله ، وعليه فان كل عقد يعتبر اتفاقاً اما الاتفاق لا يعتبر عقداً إلاّ اذا كان منشئاً لإلتزام أو ناقلاً له .
قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا أفوا بالعقود " " سورة المائدة " (1) . وقال تعالى : " واوفوا بالعهد ان العهد كان مسئولا " " سورة الاسراء " (34) .
وفي الحديث ( المسلمون عند شروطهم إلاّ شرطآ أحل حراماً أو حرم حلالاً ) .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحدى نساء الصحابة رضي الله عنهم ( أذات بعل ؟ قالت نعم ، قال " كيف أنت له ؟ قالت لا آلوه ( أي لا أقصر في طاعته ) إلا ما عجزت عنه ، قال فانظري أين أنت منه فانه هو جنتك ونارك ) رواه الترمذي بسند صحيح .
قال رسول الله ( خيركم خيركم لأهله وانا خيركم لأهلي ) رواه الترمذي وإبن ماجه
1- مفهوم عقد الزواج وما ينشأ عنه من حقوق وواجبات :-
إن عقد الزواج كغيره من العقود فيه حقوق وواجبات متبادله عملاً بمبدأ التوازن والتكافؤ وتساوي الأطراف ، إلاّ أن عقد الزواج عقد يبنى على التابيد اساساً . ولكون عقد الزواج قائم اساساً لينظم علاقه الزوجين على اصول وقواعد فان الإسلام نظم حقوق كل من الزوجين والحقوق المشتركه بينهما كما يلي :-
اولاً :- حقوق الزوجة :-
(1) الحقوق المالية :-
أ) المهر :- ويعتبر حقاً خاصاً للمراة بالقرآن والسنة وعليه فلا يجوز ان يعقد زواج بلا مهر لأن القرآن الكريم صريح بنصه " وآتوا النساء صدقاتهن نحله " " سورة النساء " (4) .
ب) النفقة :- وهي حق ثابت في القرآن والسنة ، ففي " سورة البقرة " (233) " وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف " وفي الحديث الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم ساله رجل ما حق المراة على الزوج قال ( تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا إكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلاّ في البيت ) رواه احمد وأبو داوود وابن ماجه .
(2) الحقوق غير المالية :-
1- حق المعاشرة والعشرة : قال تعالى " وعاشروهن بالمعروف " " سورة النساء " (19) وقال إبن عباس ( إني لأحب ان اتزين للمراة كما احب ان تتزين لي ) . وهذا يعني ان على الزوج أن يحسن معاملته لزوجته فيكون طلق الوجه بشوشاً فلا يؤذيها ولا يقسو عليها . بل يتمثل قوله تعالى " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف " " سورة البقرة " (238) ومن حسن المعاشرة كذلك بذل ما يجب من حقها من غير مطل " من أو أذى " لقوله صلى الله عليه وسلم ( مطل الغني ظلم ) .
2- إعفاف الزوجة او الإستمتاع :- فالنكاح مشروع لمصلحة الزوجين دفعاً للضرر عنهما ولهذا فالجماع واجب على الرجل للمراة إذا إنتفى العذر .
3- العزل :- والعزل جائز على إجماع المذاهب ولكنه يحرم عن المراة الحرة إلاّ باذنها .
(3) العدل بين النسوة في المبيت والنفقة :- فعلى الزوج ان يجعل لكل واحدة يوماً وليلة سواء اكان صحيحاً أم مريضاً وسواءً أكانت المرأة صحيحة او مريضة أم حائضاً ام نفساء ، كما أن عليه القرعة عنه السفر فلا يسافر مع واحدة إلاّ بقرعة . ولكن للزوجة الجديدة عند الجمهور سبع ليال إذا كانت بكراً وثلاث ليال إذا كانت ثيباً .
ثانياً :- حقوق الزوج :-
(1) طاعة الزوجة لزوجها " وهو موضوع بحثنا " وتكون الطاعة في الإستمتاع والخروج من المنزل فلا تعصيه إن طلبها إلى الفراش ولو كانت في التنور أو على ظهر دابه ما لم يشغلها ذلك عن الفرائض إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، ومن الطاعة القرار في البيت متى قبضت معجل مهرها ، ونعني بالقرار في البيت تفرغها لشؤون الزوجية والبيت ورعاية الأولاد.
ومن هنا فليس للزوجة الخروج من المنزل ولو إلى الحج إلاّ بإذن زوجها ، ولكن يكره منعها من عيادة أبيها إذا ثقل فيه المرض وحضور مواراته إذا مات ، ومن الطاعة كذلك عدم جواز صومها تطوعاً وزوجها شاهد إلاّ باذنه ، ومن الطاعة كذلك ألا تأذن لأحد في بيته إلاّ باذنه .
(2) الأمانه :- ويدخل في مفهومها أن تكون الزوجة حافظة على غيبة زوجها في نفسها وبيته وماله وولده لقوله صلى الله عليه وسلم ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والأمير راع والرجل راع على اهل بيته والمراة راعية على بيت زوجها وولده فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) .
(3) المعاشرة بالمعروف :- كما ان للزوجة حق على زوجها بالمعاشرة بالمعروف ، فكذلك للزوج حق على زوجته في ان تعاشره بالمعروف فلا تؤذيه لقوله صلى الله عليه وسلم ( لا تؤذي إمراة زوجها في الدنيا إلاّ قالت زوجته من الحور العين لا تؤذيه قاتلك الله فانما هو عندك دخيل يوشك ان يفارقك إلينا ) رواه الترمذي .
(4) حق التأديب :- للزوج حق تاديب زوجته عند عصيانا بالهجر والضرب غير المبرح وولاية التأديب للزوج لا تكون إلاّ إذا كانت الزوجة ناشزاً إما بالفعل كالأعراض والعبوس والتثاقل وأما بالقول كأن تجيبه بكلام خشن . والتأديب يكون على مراحل :-
أولاً :- الوعظ والإرشاد :- وذلك بالكلام والنصيحة دون هجر ولا ضرب .
قال تعالى " واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن " " سورة النساء " (34) .
ثانياً :- الهجر في الفراش والأعراض ، قال تعالى : " واهجروهن في المضاجع " " سورة النساء " (34) ، والهجر يكون بلا ضرب .
ثالثاً :- الضرب غير المبرح إن أصرت على النشوز ، قال تعالى : " واهجروهن في المضاجع واضربوهن " " سورة النساء " (34) ، على ان لا يطال الضرب الوجه والبطن وأماكن الجمال ومواضع الضعف لقوله صلى الله عليه وسلم ( لا يجلد احدكم فوق عشرة أشواط إلاّ في حد من حدود الله ) متفق عليه ، ولكون مشروعية الضرب مشروطه بالسلامة فان الضرب إن أفضى إلى تلف أوجب الضمان عند الشافعية .
رابعاً :- طلب إرسال الحكمين :- تأتي هذه الخطوة إذا لم تجد المراحل السابقة وفيها يرفع الأمر للقاضي لتوجيه حكمين إلى الزوجين حكماً من اهله وحكماً من اهلها للإصلاح ، قال تعالى : " وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من اهله وحكماً من اهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما " " سورة النساء " (35) ، ويشترط في الحكمين أن يكونا :- أ) حرين ب) مسلمين ج) عدلين د) ذكرين هـ) مكلفين شرعاً و) فقيهين بالجمع والتفريق و غير قريبين عصباً للخصمين .
(5) الإغتسال من الحيض والنفاس والجنابه :- فالزوج له الحق في إجبار الزوجة ولو كانت ذمية على الغسل من الحيض والنفاس لأنه يمنع الإستمتاع الذي هو حق له وله إجبار المسلمة على غسل الجنابة لأن الصلاة واجبه عليها وأضاف الشافعية حلق العانه وأضاف الحنابلة غسل النجاسة .
(6) السفر بالزوجة :- فللزوج بعد أن يدفع المهر المعجل ان يسافر بزوجته إذا كان مأموناً عليها .
الحقوق المشتركة :- إن اغلب الحقوق السابقة وخاصة حق الإستمتاع وما يتبعه هي حقوق مشتركه بين الزوجين لكن حق الزوج على الزوجة أعظم من حقها عليه لقوله تعالى " وللرجال عليهن درجة " .
وقد قال الرسول حول ذلك في الحديث ( ألا واستوصوا بالنساء خيراً فانما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلاّ ان يأتين بفاحشة بينه فان فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا أن على نسائكم حقاً ولنسائكم عليكم حقا فحقكم عليهن ان لا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون ألا وحقهن عليكم ان تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن ) رواه ابن ماجه والترمذي .
الطاعة
الطاعة لغةً : إن مادة طاع ، أطاع ، تعني حسب ما ورد في قاموس الوسيط : اللين والإنقياد وإمكان العلاج ، يقال طاع أي : " لان وإنقاد وأمكن علاجه " ، وطاع النبات أمكن رعيه ، وطاع الشجر " أمكن جمع ثمره " ، وطاع الرجل للرجل " أتاه طائعاً سهلا " ، وأما أطاع الثمر " يعني حان قطعه وأمكن جنيه " ، أما طوعَ وطوعت تعني " زين وزينت " ، ومعنى " طوعت له نفسه : زينت وسهلت له نفسه " ، وتطاوع للأمر أي تكلف مزاولته حتى يستطيع ، وتطوع أي " تكلف الطاعة " أو وقام بالعبادة طائعاً مختاراً ، أما إستطاع الشيء فتعني " أطاقه وقدر عليه " ، والطاعة تعني " الإنقياد والموافقة " ، والطواعية تعني " الطاعة " ويقال للرجل طيعاً " إذا كان طائعاً " ، وعن الرجل طيع اللسان " إذا كان فصيح اللسان " ، والمطاوع تعني " المطيع والموافق " ، والمطواع تعني " من يسرع إلى الطاعة " .
الطاعة إصطلاحاً :- هي حق للزوج رتبه الشرع على الزوجة ومدلوله أن تلتزم الزوجة بطاعة زوجها وتنقاد لأمره وتلين له ولا تمانع فيما ليس فيه مخالفةٌ للشرع ومغضبه للرب ، ويقال للزوجةِ مطيعه وطائعه ومطواعه لزوجها متى كانت مدركةً لواجباتها الزوجية .
طاعة الزوجة لزوجها ليست إنتقاصاً لإنسانيتها
لقد نظم الإسلام الحياة الزوجية على أسس سليمة وقوية ومعقوله فيها كل مقومات بناء المجتمع السوي السليم الذي تحفه السعادة والإطمئنان والود . وإذا كان الإسلام قد حدد للزوجين حقوقاً وواجبات فان ذلك إنطلاقاً نحو توضيح اللغة التي تجمع بين الأزواج بشكل يكون فيه طرف عارفاً بحقوقه وواجباته حتى لا تصبح الحياة فوضى لا صراط لها وتعم العلاقة الزوجية والحياة الأسرية التشنجات وكل عناصر الخلاف والمنازعة ، ومن هنا فان الإسلام وهو يلزم الزوجة بطاعة زوجها بما ليس فيه معصية لله وشرعه لا ينتقص من النظر إلى الزوجة او المراة بشكل عام على أنها إنسان له حقوقه وكرامته كما فعلت الشرائع والأقوام الأخرى غير الإسلامية ، فعند الإغريق مثلاً : يقول أرسطو ان المرأة كائن ناقص ضعيف الإرادة وليس في وسعها الرقي إلى مراتب الإستقلال . وكانت المراة عندهم مخلوقاً نجساً لا ينفع لغير دوام النسل ، وأن المرأة الولود تؤخذ من زوجها عارية " لتلد للوطن أولاداً من رجل آخر .
وأما عند اليهود :- فإن للأب حق بيع إبنته وهي قاصر وليس لها حق في الميراث إلاّ إذا كانت وحيده .
وأما الصينيون :- فيحتقرون المراة حتى في أمثالهم الشعبية حيث يقولون ( أنصت لزوجتك ولا تصدقها ) .
وأما الإيطاليون :- فيقولون ( أن المهماز للفرس الجواد والفرس الجموح والعصا للمراة الصالحة والمراة الطالحه ) .
وأما الإسبان :- فيقولون ( إحذر المراة الفاسدة ولا تركن إلى المراة الفاضله ) .
وأما الروس :- فيقولون ( إنك لا تجد في كل عشر نسوه غير روح واحده ) .
وأما الهنود :- فانهم يعتبرون أن ( الموت والمرض والجحيم والسم والأفاعي والنار خير من المرأة ) .
وأما الرومان :- فيعتبرون أن ( المراة متاع مملوك للرجل وسلعه رخيصه وحتى حياة المرأة مملوكه لأبيها ولزوجها ثم لبيتها ، وان المرأة ليست إلاّ شيطاناً نجساً . وفي قرار لمجمع روما خلصوا إلى أن المرأة كائن لا نفس له ويجب ألآ تأكل اللحم ولا تضحك ولا تتكلم معتبرين أن كلامها أداه للإغراء ويحرم على المرأة التملك لأكثر من نصف أوقيه من الذهب ويحرم عليها لبس الثوب الملون ) .
وأما الفرنسيون :- فيقول لوفي أن المرأة شر لا بد منه تنساق إليها النفوس وبلاء لا مهرب منه ومرض عضال ) .
واما في الجاهلية عند العرب :- فإن صور ظلم المراة وهضم حقوقها واحتقارها كثيره ومن الأمثلة على ذلك :-
1- الوأد :-
قال تعالى " واذا بشر احدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألاّ ساء ما يحكمون "
" سورة النحل (58/59) . وقال تعالى أيضاً " وإذا المؤودة سئلت باي ذنب قتلت " " سورة التكوير " (8/9) ، إنه كان من العرب من يقتل ولده خشية الإملاق أي الفقر ، ومنهم من يقتله سفهاً بغير حجة .
2- الزواج في الجاهلية كان على انواع :-
أ) نكاح الناس : يخطب الرجل إلى الرجل إبنته فيصدقها مهرها ثم ينكحها لطالبها .
ب) الإستبضاع : كان يقول لإمراته إذا طهرت من طمثها إذهبي إلى فلان فاستبضعي منه ويعتزلها زوجها حتى يتبين الحمل .
ج) نكاح الرهط :- يجتمع بعض الرجال ( دون العشرة ) فيدخلون على المرأة كلهم ليصيبوها فاذا حملت ووضعت ومر عليها ليال أرسلت إليهم جميعاً وقالت لهم قد عرفتم ما كان من امركم وقد ولدت فهو إبنك يا فلان .
هـ) الشغار :- كان يقول الرجل زوجني ابنتك وازوجك إبنتي أو أختك وأختي ، ولا يكون بينهما مهر .
و) المتعة :- كانت المتعة في أول الإسلام حيث كان الرجل يقدم البلدة لس فيها معرفة فيتزوج المرأة بقدر ما يرى انه مقيم ، وفي الحديث ( يا أيها الناس إني كنت اذنت لكم في الإستمتاع من النساء وان الله حرم ذلك إلى يوم القيامة ، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله ولا تأخذوا مما اتيتموهن شيئا ) رواه احمد ومسلم .
ز) نكاح المقت :- وهو ان يتزوج الولد إمرأة أبيه ، قال تعالى : " انه كان فاحشة ومقتا "
" سورة النساء " (22) ، وان عمرو بن امية تزوج إمراة ابيه بعد موته وولدت له مسافراً وأبا معيط .
ح) البدل :- وهو ان يتبادل زوجان زوجتيهما بدون طلاق وعقد جديد وهي عملية سفاح بالتراضي .
ط) نكاح المخادنه :- وهي إرتباط إمرأة برجل سرا ومعاشرتها معاشرة الأزواج بدون عقد ، قال تعالى : " محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان " " سورة النساء (25) ، وكذلك قال تعالى : " محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان " " سورة المائدة " (5) .
ي) نكاح الإرث :- كان اهل الزوج إذا مات يتملكون زوجته فلهم ان يتزوجوها ولا يحق لها ولا لأهلها الممانعه ولهم ان يزوجوها ويقبضوا مهرها وإن شاءوا عضلوها او إعتقوها بفدية .
إضافة إلى هذه الفوضى في الزواج فان هناك صوراً أخرى لإمتهان المراة في الجاهلية . مثل :-
1- حرمانها من الميراث 2- حرمانها من المهر 3- اكل مال اليتامى والجور عليهن 4- تعدد الزوجات بلا حدود 5- التهاون بالطلاق 6- الإيلاء أي إمتناع الزوج عن معاشرة الزوجة سنة وسنتين 7- الفصل : إذ تكون المراة لا مطلقه ولا مسرحه ولا متزوجه فيذرها زوجها معلقه محرومه من الزواج من غيره .
هكذا كانت المراة إلاّ أن الإسلام جاء بتعاليمه العظيمة يدعو إلى حسن عشرة الزوجة والنظر إليها بعين الحب والعطف والمسامحة والإعراض عن الهفوات وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( إستوصوا بالنساء خيراً ) وقال الغزالي ( ليس حسن الخلق عند الرجل أن يكف أذاه عن زوجته بل ان يحتمل الأذى منها فيحلـم على طيشها وغضبها . تآسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يمازح زوجاته حتى انه كان يسابق عائشه في العدو فسبقته يوماً فقال لها هذه بتلك ) . والرسول صلى الله عليه وسلم وهو يدعو إلى حسن المعاشرة ينبه إلى ان ( المرأة كالضلع ان أقمتها كسرتها وان إستمتعت بها إستمتعت بها وفيها عوج ) البخاري ومسلم .
علة الداء ومصل الدواء
" في نشوز الزوجة ونشوز الزوج "
إن ظاهرة النشوز عادة ينظر إليها على انها مرض يصيب الزوجة وحدها وبسبب النشوز وعدم الطاعة تنشا الخلافات الزوجية التي تنتهي في كثير من حالاتها إلى إحتكام للقضاء حيث يلجأ الزوج الى المحكمة طالباً زوجته إلى بيت الطاعة بقرار صادر عن المحكمة ، ولكن نقول وبقول صراحه أن هذا المنظور لمفهوم النشوز قاصر إذ أن الرجل قد يكون ناشزاً قبل زوجته وعليه تعود كل اسباب فشل الحياة الزوجية وهنا تكون الزوجة ضحيه ، ولكن على كل حال فان النشوز كظاهره سائده في مجتمعنا الذي اصبح يعاني من تراكمات سلبية كثيره كان لها أثرها الواضح في زعزعة أركان الحياة الزوجية لا بد وان ننظر إليها من زاوية السعي إلى علاجها ، وبداية نقول ان الرسول صلى الله عليه وسلم حدد للنشوز عند الزوجة طبعاً علاجاً فقال ( فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع . فقال ابن عباس ( الهجرهو ان لا يجامعها ويضاجعها على فراشها ويوليها ظهره ولا يكلمها مع ذلك ولا يحدثها ) وقال قتادة : الهجر عدم الجماع واذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم امر بالهجر فان الله قبل ذلك أمر بالوعظ فقال عز من قائل ( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فان أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ان الله كان عليا كبيرا ) سورة النساء (34) فالوعظ يكون بالتذكير بالله وعظيم حق الزوج عليها .
وفي السنة النبوية الكثير من الأحاديث التي تذكر بالله فحري بالزوج أن يسمعها لزوجته نذكر منها :-
1- (إذا دعا الرجل إمراته إلى فراشه فلم تاته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح ) رواه البخاري ومسلم وابو داوود والنسائي والبيهقي .
2- ( والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو إمرأته فتأبى عليه إلاّ كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها ) رواه البخاري ومسلم .
3- ( إذا باتت المرأة هاجره فراش زوجها لعنتها الملائكه حتى تصبح ) رواه مسلم والبخاري والنسائي .
4- ( ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً : رجل أم قوماً وهم له كارهون وإمراه باتت وزوجها عليها ساخط واخوان منصرمان ) رواه ابن ماجه وابن حيان عن ابن عباس عن الرسول صلى الله عليه وسلم .
5- ( اثنان لا تجاوز صلاتهما رؤوسهما عبد آبق " هارب " من مواليه وإمرأه عصت زوجها حتى ترجع ) رواه الطبراني والحاكم .
6- ( ايما إمرأه ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة ) رواه ابن ماجه والترمذي والحاكم عن أم سلمه عن الرسول صلى الله عليه وسلم
7- ( إذا صلت المراة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها أدخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت ) رواه أحمد والطبراني عن عبد الرحمن بن عوف عن الرسول صلى الله عليه وسلم .
8- عن عائشة رضي الله عنها قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أي الناس أعظم حقاً على المرأة ، قال زوجها قلت : فأي الناس أعظم حقاً على الرجل قال أمه ) رواه البزار والحاكم .
9- التذكير بآيات الله وبأن الزوجة خلقت لتكون سكناً للزوج والسكن لا يكون إلاّ متى سادت المعاشرة والمودة والرحمة .
وبعد التذكير والوعظ يكون الهجر بالمضاجع لا في بيت أهل الزوجة كما هو سائد هذه الأيام والهدف من الهجران حتى تريها أنك مع توفر الدواعي باستقرارك معها على فراش واحد تستطيع بقوة إرادتك أن تتغلب على غريزتك مع قربك منها وعلى فراش واحد وخاصة متى علمنا ان الهجر لا يعني هجر الفراش والحجرة دائماً وإنما هجر الزوجة وهي في مضجعها وانت معها على فراش واحد وذلك بان توليها ظهرك ولا تكلمها ولاتحدثها والغاية من هذا الإجراء :-
أولاً :- بيان موقف الزوج بالنسبة لداعي الغريزة .
ثانياً :- تهيئة المجال لفض النزاع إذ أن وجود الرجل بجانب المراة معرضاً يكون حافزاً للزوجة إلى أن تساله عن أسباب نفوره فيجيبها ومن ثم يبدآن في تعرف الدوافع وتصفية الحساب فلا يغمض لهما جفن حتىيحل الوئام محل الخصام .
واما الضرب فهو وسيله للتاديب ولكنها مقيده بان لا تكون وسيله إنتقام حيث حذر الرسول بان لا يكون الضرب مبرحاً ولا يقع على مناطق الجمال أو الضعف فيشوه ويكسر ، وكما فسره ابن عباس بان يكون الضرب بالسواك او نحوه كاليد والقصبة الصغيرة ، لأن المرأة إنسان له كرامته وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( لا يجلد أحدكم إمرأته جلد العبد ثم يجامعها آخر اليوم ) رواه البخاري . ومن هنا فالضرب مباح عند الضرورة وبعد إستنفاذ كل السبل التي سبقت للإصلاح كالهجر والتذكير لأن الزوجة هنا تكون من النوع الذي لا يستقيم إلاّ بالضرب . وهذا النوع غالباً ما يستفحل فيه الخلاف وعدم الوفاق بين الزوجين ويصبح الزوج لا يملك من وسائل الإصلاح إلاّ اللجوء إلى التحكيم بتكليف حكم من أهله وحكم من أهلها ممن توفرت فيه شروط الإنصاف وعدم التحيز والروية وعدم الإندفاع والحرص على رأب الصدع وإصلاح الفساد والقدرة على الفهم والإدراك السليم لقوله تعالى ( وإذا خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من اهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيرآ ) سورة النساء آيه (35 ).
إن كل المساعي التي ذكرت للإصلاح بين الزوجين ما هي إلاّ تأكيداً على أن العلاقة الزوجية هي رابطة من نوع مختلف فلا يكون القضاء على هذه العلاقة لمجرد هبوب رياح الكراهية او الجفاء ، ومن هنا فان على الزوجين ان يفهما أن الزواج ليس مجرد وسيلة لإرضاء او إشباع شهوة او غريزة جسدية وليست علاقة آنية تنتهي بانتهاء السبب بل أن الزواج علاقة إنسانية دائمه تجمع بين الغرائز الجسدية والنوازع النفسية رأس مالها الحب والوفاء والإيثار والرعاية والثقة وهدفها السكون النفسي والجنسي وتقاسم المسؤولية الحياتية وشعارها التعاون . وهذه كلها امور تدعو الأزواج الذين عصفت بعلاقتهم الزوجية رياح الكراهية والجفاء إلى تحكيم العقل وعدم الإستسلام والرضوخ لحبائل الشيطان إدراكاً منهم بان الزواج ليس صفقة تجارية يبتاع الزوج شيئاً من الجمال بشيء من المال .
" الجهل في الأحكام يشعل نار الخصام "
إن المتابع للخلافات الزوجية والتي قد تصل احياناً إلى الطلاق أو الإحتكام إلى القضاء يجدها خلافات كان الجهل في الحكم الشرعي في كثير من المسائل سبباً رئيساً فيها . فالزوج يفهم ان تكون العصمة بيده أنه يملك سلاحاً فتاكاً به ينكل بالمرأة ويظلمها ويهدر حقوقها ونسي انه مسؤول عن زوجته بالرعاية والكفل والترحم والزوجة بالقدر الذي تجهل فيه حدودها واحكام الشرع في كثير من القضايا في علاقتها مع زوجها بالقدر الذي تكون فيه سبباً في إذكاء نار الخلاف واشعال نار التنافر وعلى سبيل المثال فإن عدم إدراك الزوجة لواجبها في التزين لزوجها فقط وكذلك عدم إدراك الزوج لواجبه في التزين لزوجهته فقط يوقع في كثير من الأحيان في شراك الكراهية والبغض . من هنا فقد علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم ان تتزين المرأة لزوجها حتى لا تتشبه بالرجل في الخشونه والشدة هو من الأصول الشرعية وذلك دون إسراف .
نشوز الزوجة يحطم جدار المحبة بين الزوجين
إن دوام العلاقة الزوجية مرهون بمدى قدرة الزوجين على تقليص نقاط الخلاف وتضييق أسبابه وهذا كله امر يتوقف على مدى إدراك وفهم كل من الزوجين للحقوق والواجبات والحدود الضامنه لسلامة الحياة الزوجية ولكن إذا ما عجز الزوجان معاً او لم يتفهم هذه الحقوق أي منهما تكون بذور الشقاق والخلاف قد غزت عشهما الزوجي وتعتبر الزوجة الخارجة عن طاعة زوجها ناشزاً بمعنى انها أصبحت متمرده على واجباتها كزوجة ومخالفه للنصوص الشرعية الداعية إلى طاعة الزوج باعتبارها حقاً أكبر من حق طاعة الوالدين مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم ( حق الزوج على زوجته لو كانت له قرحه فلحستها ما أدت حقه ) رواه أبو سعيد الخدري . وقوله عليه الصلاة والسلام ( لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها فوالذي نفسي بيده لا تؤدي المرأة حق ربها عز وجل حتى تؤدي حق زوجها كله حتى إن لو سألها نفسها وهي على قتب اعطته او قال لم تمنع ) .
إن لنشوز الزوجة وجوهاً كثيره نذكر منها :-
(1) خروج الزوجة من بيت زوجها بغير إذنه من غير حاجه ماسه ، إلاّ أن خروج الزوجة من بيت زوجها في غيبته لزيارة أقارب او جيران لعيادتهم او لتعزيتهم لا يعتبر نشوزاً عرفاً ما لم ينهها عن ذلك .
(2) عدم تمكينها الزوج من وطئها .
(3) عمل الزوجه من غير إذن زوجها .
(4) تقصير الزوجة في واجباتها نحو اولادها وزوجها .
(5) عدم طاعة الزوج في مطالبه الزوجية بالقيام بالواجبات الدينية كالصلاة .
(6) رفض الزوجة تنفيذ قرار المحكمة بطاعة الزوج .
إن النشوز وإن لم ينته بالطلاق فإنه يضع على صفحات العلاقة الزوجية نقاطاً سوداء لها كبير الأثر في زعزعة الحياة الزوجية واستقرارها بعكس الطاعة نجدها تطفي على الحياة الزوجية كل حيوية وعلى المشاعر كل تجديد ودفيء ، والزوجة السعيدة هي التي فجر الحب الإنساني في أعماقها ينبوعاً أزلياً فأضاء نفسها وأشرق على عالمها نوراً وجمالاً ورقة وانوثه وحناناً وربيعاً دائماً وحباً وطاعه وحفظاً لحدود الله ، وأما الزوجة التعيسة فهي التي تتخلى عن الأنوثه وتظن ان الطلاق والتحرر والتبرج هو اقصر الطرق إلى قلب الرجل بينما هذه الحرية تشوه صورتها وتزلزل مكانتها عنده فلا تفوز بقلبه ولا تحظى بإعجابه . وهذا يقودنا إلى التأكيد على أن حفاظ الزوجة على زوجها له أسباب نذكر منها :-
1- طاعة الله فيما أمر .
2- الإقلاع عن المعاصي .
3- طاعة الزوج والتقرب إليه والتلطف معه .
4- نظافة المنزل والجسم .
5- تربية الأطفال تربية إسلامية .
6- عبادة الله والتقرب إليه بخدمة زوجها وطاعته .
7- إستقبال الزوج بابتسامه وتهيئة الجو المناسب المريح له .
8- إشعار الزوج بالحب والإحترام .
9- مراعاة أقارب الزوج واحترامهم وتقديرهم وخاصة والديه وأخوانه .
10- حسن الخلق مع الزوج لأن الأخلاق هي الجمال الحقيقي .
الوصية الجامعة
لقد أوصت امامه بنت الحارث التغلبيه إبنتها وهي تزفها إلى زوجها الحارث بن عمرو ملك كنده فقالت ( أي بنية لو إستغنت إمرأة عن زوج بفضل مال أبيها لكنت أغنى الناس عن ذلك ولكن للرجال خلقنا كما خلقوا لنا . بنيه إنك قد فارقت الحمى الذي منه خرجت والعش الذي فيه درجت إلى وكر لم تعرفيه وقرين لم تألفيه . أصبح بملكه لك مليكاً فكوني له أمه يكن لك عبداً وشيكاً . واحفظي عني خلالآ عشره يكن ذكراً وذخراً . أما الأولى والثانيه فالصحبة بالقناعه والمعاشره بحسن السمع والطاعه ، فإن في القناعه راحة القلب وفي حسن المعاشرة مرضاة الرب وأما الثالثه والرابعه فالمعاهده لموضع عينه والتفقد لموضع آنفه فلا تقع عيناه منك على قبيح ولا يشم أنفه منك إلاّ طيب ريح واعلمي يا بنيه ان الكحل أحسن الحسن الموجود والماء أطيب المفقود والخامسة والسادسة التعاهد لوقت طعامه والتفقد لحين منامه فإن حرارة الجوع ملهبه وتنغيص حاله مكر به وأما السابعه والثامنه فالإحتفاظ ببيته وماله والرعاية للحشم والعيال من حسن التدبير ، وأما التاسعة والعاشرة فلا تفشين له سراً ولا تعصين له أمراً فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره وإن عصيت أمره أوغرت صدره واتقي مع ذلك قلة الفرح إذا كان ترحاً والإكتئاب إذا كان فرحاً فإن الأول من التقصير والثانية من التكدير وأشد ما تكونين له إعظاماً أشد ما يكون لك إكراماً وأشد ما تكونين له موافقة أطول ما يكون لك موافقة ، واعلمي يا بنيه أنك لا تقدرين على ذلك حتى تؤثري رضاه على رضاك وتقدمي هواه على هواك فيما أحببت أو كرهت .
أي بنيه لا تغفلي عن نظافة بدنك فإن نظافته تضيء وجهك وتحبب فيك زوجك وتبعد عنك الأمراض والعلل وتقوي جسمك على العمل ، فالمرأة التفله تمجها الطباع وتنبو عنها العيوب والسماع . وإذا قابلت زوجك فقابليه فرحه مستبشره فإن المودة جسم روحه بشاشة الوجه .
ماذا قال الشعر في المراة الصالحة
ان الزوجة الصالحة هي السعادة وهي التي تعين زوجها على طاعة الله وتمنحه السكن النفسي والراحة التامة ، وان دين الزوجة وتقواها هما مقياس الصلاح ، وصدق الشاعر حيث قال:
ودود ولـــــود حــــــره عــــــربية *** مخــــدره مـــــع حسنها تكرم البعلا
وبـــاذلة نظيفـــــة ولطيفـــــة مـن *** أظـــــرف إنســـــان وأحسنهم شكلا
شكور صبور حلـــوة وفصيحــــة *** ومتقنـــــة تتقــــن القــــــول والفعلا
مطاوعــه للبعــل يقضي أديـبــــة *** موافقــــــة قـــــولاً وفعـــلاً فما أعلا
مداريـــــة للأهل إن عتــبت وان *** احبــــت فـــلا حقــد لديهـــا ولا غلا
رقيقــة قلب مـــــع ســلامة دينها *** فلست ترى شبها لها في النساء أصلا
تنقل في الأشـــغل من ذا لذا وذا *** وتفعــل حتى الكنس والطبــخ والغسلا
مربيــه حنانـــة ذات رحمة وكل *** يتيـــــــــــم واحــد عندهــــا فضــــــلا
عديمـــة لفظ والتفات إذا مشـــت *** صموت فلا قطعــــاً تـــــرد ولا وصلا
يعز على من بطرق الباب لفظها *** جوابــــــاً فـــــلا عقـــداً تــراه ولا حلا
يطيـــل وقوفاً لا يجــاب محــرم *** عليهــــــا كــــلام الأجنــــبي وإن قـــلا
وحافظــــة للغيب صالحــه أتت *** لحــــــق إذا كانت مناقبهـــــا تتـــــــــلا
وقانتــة صوامــــة ومدلــــــــــة *** بعقـــــل وتدبيــــر تــــراه العــــدا بخـلا
" الطاعة الزوجية ليست مطلقة "
إن الإسلام جاء مخالفاً لما ذهبت إليه اليهودية والمسيحية في حدود المسؤولية وتحمل نتائج الفعال ولم يحصر هذه المسؤولية بالمراة دون الرجل كما يفعل اليهود الذين يعتبرون المراة شيطان الرجل وهي مسؤولة عن خطيئته في عصيان امر ربه ومذهبهم هذا باطل بصريح الآية الكريمة التي تحمل مسؤولية عصيان الرب لآدم وليس لحواء قال تعالى: ( وعصى آدم ربه فغوى ثم إجتباه ربه فتاب عليه وهدى ) سورة طه الآية (121-122) . فالمسؤولية في الإسلام فردية وليس فيها توارث قال تعلى( كل نفس بما كسبت رهينة) سورة المدثر آية (38) كما ذهبت المسيحية التي تعتبر ان المرأة سبب الإثم ومصدر الخطيئة والشر ويجب قهرها إلى أقصى الحدود ، فيما نجد الإسلام وهويتحدث عن المرأة ينزلها منزلة ومكانة مرموقه في المجتمع ، وقد جاءت اول قاعدة في الإسلام تقرر أن النساء شقائق الرجال وقرر الإسلام أن المرأة اهل للمسؤولية الكاملة وأنها صاحبة رأي ومسؤولية مستقلة عن الرجل . ومن هنا فإن حدود طاعة المرأة في الإسلام لزوجها ليست مطلقة لأن ذلك يتنافى مع كرامة وإنسانية واهلية المراة ، اما عند اليهود فقد ورد في المادة 413 من كتاب الاحكام العبرية أن سلطة الزوج على الزوجة في أمر التربية والدين مطلقة لا حدود لها والمادة 414 تنص على انه متى خرجت الزوجة من بيت اهلها ودخلت بيت زوجها وجب عليها طاعته والإمتثال لأوامره مهما كانت شأنها شأن الجارية لسيدها والمادة 418 تعتبر انه ليس للزوجة مفارقة زوجها لأي سبب كان حتى لو اصيب بعجز او صار مقعداً ، والمرأة حسب المادة 313 لا ترث زوجها بأي حال من الأحوال ، أما هو فإن المادة 419 تعتبر جميع مال الزوجة هو ملك لزوجها وليس لها سوى ما فرض لها من مهر تطالب به بعد موته وأنه حسب المادة 426 يعتبر الوريث الوحيد لزوجته إذا ماتت ولم تعقب ذرية من الأولاد . وعند المسيحية فقد ورد في إنجيل كونثوس 11/3/9 أن الرجل لم يخلق من أجل المرأة بل المرأة خلقت من اجل الرجل وأنه ليس للمرأة أن تتكلم بل تخضع للرجل كما للرب ونظرتهم هذه تجاه المرأة قادتهم إلى حرمانها من كافة حقوقها وحتى من إنسانيتها حيث كتب أسقف فرنسي أن كل النساء بلا إستثناء مومسات ، وقال الراهب البونديكتي برناردي موريسكس أنه لا توجد أية إمرأة طيبه على وجه الأرض وتمادى الرهبان في إحتقارهم للمرأة فاعتبروها ألد اعداء الرجل وأنها المدخل الذي يحبه الشيطان .
وعليه فموضوع الطاعة لا يقوم في الإسلام على قاعده سلطويه بل ان الطاعة مطلب إنساني وشرعي لإستقامة وتنظيم الحياة الزوجية والأسرية ولكنها في نفس الوقت محكومة بأصول وحدود وقواعد تلقى لدى المرأة وهي تعمل بها قبولاً في نفس الوقت الذي يشعر فيه الزوج أنه مسؤول وحدود مسؤوليته تنظمها الأصول الشرعية في وجوب التقوى والعدالة والشعور الإنساني وإلاً فإن ظلم الزوج لزوجته وممارسته لحقه بتعسف وفرعنه لا يرتب له حقاً على الزوجه بطاعتة " إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " والله نهى عن الظلم وتوعد صاحبه . ومن هنا فإن الزوج المسلم لا يحق له ان يفسر النصوص الشرعية من آية أو حديث فيه تشديد وتوصيه بطاعة الزوجة لزوجها على انها إنتقاص لإنسانية المرأة وكرامتها أو مدخل لإظهار سلطته وتجبره وقسوته وعليه أن يتذكر دوماً قوله صلى الله عليه وسلم ( من رزقه الله إمرأة صالحه فقد اعانه على شطر دينه فليتق الله في الشطر الثاني ) رواه الحاكم وصححه . وقوله صلى الله عليه وسلم (الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة) كما ان عليه العمل بالقاعدة التي تقول أن الزوج المسلم إن أحب زوجته أبرها وإن كرهها ما ظلمها .
كما أن الزوجة ملزمة بطاعة زوجها شرعاً وقانوناً متى أدى الزوج لها حقوقها ، ومن مستحقات هذه الطاعة عيشها معه في البيت الزوجي الذي أستوفيت فيه الشروط الواجبة في البيت الشرعي وطاعته في غير معصية لله وقيامها بواجبها نحو أولاده في التربية والرعاية .
متى تبدأ طاعة الزوجة لزوجها
إن نص المادتين 36 و 37 من قانون الأحوال الشخصية يشير إلى أن مسألة وجوب طاعة الزوجة لزوجها مرهون بقضيتين رئيسيتين هما تهيئة المسكن الشرعي وقبض المعجل . فمتى هيأ الزوج المسكن المحتوى على اللوازم الشرعية وقام بتسليم الزوجة لمهرها المعجل وجبت على الزوجة طاعتها لزوجها والإقامة معه في مسكنه الشرعي والإنتقال معه إلى أية جهه أرادها الزوج . وهنا يجب ان نشير إلى ان دفع الزوجة لدعوى الطاعة التي اقامها زوجها بحجة ان المسكن الذي يطلبها للطاعة فيه تم إختياره من قبله هو دونما إستشاره لها لا يعتبر لأن نص المادة 37 من قانون الأحوال الشخصية واضح حيث يعتبر أن حق إختيار المسكن هو حق خالص للزوج وليس للزوجة وأما بخصوص دفع الزوجة لدعوى الطاعة بحجة عدم دفع الزوج لمهرها المعجل فإن المحكمة في هذه الحالة تفصل في هذا النزاع بما يقتضيه الوجه الشرعي فإذا قام الزوج بدفع المقدار المطلوب حالاً رد دفع الزوجة وسارت بحقها دعوى الطاعة حسب الأصول .
" ما هي مواصفات البيت الزوجي الشرعي "
وجوب تهيئة الزوج للبيت الزوجي واشترطت ان يكون مشتملاً على اللوازم الشرعية دون أن تحدد طبيعة هذه اللوازم تاركةً ذلك للإجتهاد وعليه فقد كانت هذه القضية مثار التساؤلات ومدخلاً للزوجة في الإدعاء بعدم شرعية المسكن ، ومن هنا فإن دفع الزوجات اللواتي أقيمت ضدهن دعوى طاعة يستند في الغالب على عدم شرعية المسكن وهذا ما دفعنا إلى مراجعة القرارات القضائية في كتاب أصول المحاكمات الشرعية ) حول هذه القضية وتقسيم هذا الموضوع إلى قسمين :-
أولاً :- الدفوع التي تعتبر مقبولةً شرعاً حول المسكن وتنفي عنه شرعيتة وترتب دعوى الطاعة نذكر منها :-
1- عدم شرعية المسكن لعدم صلاح جيرانه شرط معتبر وفق المادة 281 من كتاب أصول المحاكمات الشرعية
2- عدم شرعية المسكن لأن الزوج هيأه لمضارة الزوجة وانه غير مأمون عليها يعتبر دفعاً مقبولاً حسب القرار رقم 90 .
3- عدم شرعية المسكن لإنشغاله بمتاع الغير واعتراض الزوجة على ذلك يعتبر دفعاً مقبولاً حسب القرار رقم 5703 .
4- عدم شرعية المسكن لعدم وجود مطبخ يعتبر دفعاً مقبولاً ما لم يكن ثمة عرف معتبر شرعاً فيحقق ما يقتضيه العرف حسب المادة 280 من كتاب النفقات وكذلك الأمر بالنسبة لبيت الخلاء حسب القرار 5703
5- عدم شرعية المسكن لعدم إحتوائه على اللوازم الضرورية للزوجة كالمشط وطشت الغسيل والصندوق أو ما يقوم مقامه لحفظ الملابس يعتبر مقبولاً حسب القرار 8341/8988 .
6- عدم شرعية المسكن لوجود الضره فيه وانه لا يوجد بيت آخر للضره حسب القرار8961
7- عدم شرعية المسكن كون الزوجة غير آمنه فيه على نفسها ومالها إذا خرجت منه لقضاء بعض حوائجها الشرعية كخلوة من النافذه وشبابيك الحماية خاصة إذا كان البيت منعزلاً يعتبر مقبولاً حسب القرار 7831 .
8- عدم شرعية المسكن لعدم وجود جيران حوله لإنعدام المؤنس يعتبر دفعاً مقبولاً حسب القرار 9723 .
9- عدم شرعية المسكن لوجود إبن الزوج المميز المولود له من زوجه أخرى يعتبر مقبولاً حسب القرار رقم 9155 .
10- عدم شرعية المسكن لوجود بنتين مميزتين مولودتين للزوج من زوجة ثانية يعتبر مقبولاً عملاً بالمادة 282 من كتاب النفقات .
11- عدم شرعية المسكن كون بئر الماء في ارض الجيران والزوج ليس مستعداً لإحضار الماء لزوجته وان بيت الخلاء الواقع خارج البيت بلا سقف يعتبر مقبولاً حسب القرار رقم 21650 .
ثانياً : - " الدفوع التي لا تعتبر مقبوله شرعاً حول المسكن ولا تنفي عنه شرعيته "
بداية نقول ان المسكن الشرعي يكون عادة متفقاً وحال الزوج وعليه فإن البيت يعتبر شرعاً وان دعوى الطاعة تبقى سارية بحق الزوجة حسب الأصول في حالات كثيرة نذكر منها :-
1- كون المسكن مستاجر لا ينفي مشروعية السكن حسب القرار 5703 .
2- كون الطابون للمسكن مشترك لا ينفي مشروعيته حسب القرار 5703
3- عدم كسوة الزوجة لا ينفي مشروعية المسكن حسب القرار 7054 .
4- عدم وجود مفتاح لصندوق الملابس لا ينفي شرعية السكن حسب القرار 8337 .
5- كون منافع المسكن مشتركه لا ينفي شرعية المسكن متى كان الزوج من الطبقة الفقيرة حسب القرار 9535 .
6- عدم وجود الماء لا ينفي شرعية المسكن بل يلزم الزوج بإحضار الماء لزوجته حسب القرار 9125 و 9202 . وحسب نص المادة 287 من كتاب النفقات التي تنص على أن عدم وجود بئر الماء او الصهريج داخل المسكن لا يمنع شرعيته وأن على الزوج إحضار االماء .
7- سكن شقيق الزوج وأفراد اسرته في غرفة ملاصقه لغرفة الزوج ولو يكن بينهما ساتر أو حاجز لا يؤثر على شرعية المسكن متى كان الزوج والشقيق من طبقة الفقراء حسب القرار رقم 19265 .
دعوى الطاعة وصلاحية النظر فيها
إن المحكمة المختصة بالنظر في دعوى الطاعة هي محكمة محل المدعى عليها وبالتالي فهي ليست مشموله بالإستثناء الوارد في المادة ضمن دعاوى النكاح لأن المقصود فيها معرفة ماذا كان الزواج نفسه موضع نزاع . قرار 8621 ، ودعوى الطاعة إذا صدر فيها حكم واستؤنف الحكم فلا يجوز إقامة دعوى جديدة قبل إكتساب الحكم الأول الصورة القطعية لدى محكمة أخرى لأنه من المحتمل أن تفسخ محكمة الإستئناف هذا الحكم فيكون لدى المحكمتين حكم واحد وهذا مخالف للفقرة السابعة من المادة الثالثة من قانون اصول المحاكمات الشرعية وهذا ما ورد في القرار 8311 .
ومن ناحية أخرى فإن دعوى الطاعة لا يبت فيها قبل أن يفصل في دعوى النزاع والشقاق بصورة حاسمه وقاطعه لأن المعيار في لزوم الطاعة نشوز الزوجة وقضية الشقاق والنزاع مسأله قد لا تنتهي لصالح الزوج وبالتالي لا يكون هناك نشوز أصلاً وبالتالي لا تستوجب الطاعة وهذا ما فسره القرار 8530 .
إن غالب دعاوى الطاعة تكون مربوطة بالمسكن إذ أن الزوجة تدعي بعدم الشرعية فيما الزوج يدفع إدعاء زوجته بادعاء شرعية المسكن وهنا ينشأ إجراء الكشف على المسكن فإذا كان خبراء الكشف منتخبين من قبل الطرفين فإن قرارهم يكون ملزماً لهما وهذا ما ورد في القرار 5703 . كما أن كل كشف جرى على المسكن موضوع الدعوى قبل إقامة الدعوى لا يعتمد وهذا ما صرح به القرار 89 .
وإذا لم ينتخب المتداعين خبراء للكشف على المسكن تقوم المحكمة بتعيين خبراء من قبلها وهنا يجب التنويه الى أن مجرد إخبار الخبراء لا يعني حكماً بل أن وظيفة مناب الكشف ليست الحكم بشرعية أو عدم شرعية المسكن بل أن وظيفته تنحصر في مراقبة وتوثيق الواقع والقاضي هو المخول بعد الموازنه لقرار الخبراء بإصدار قرار الشرعية من عدمها وهذا ما اوضحه القرار 9723 ، وعلى سبيل المثال قد يحكم الخبراء بشرعية المسكن لمجرد الكشف على موجودات المسكن رغم عدم وجود جيران له فهنا فإن إخبارهم بشرعية او عدم شرعية المسكن ليس له إعتبار طالما هناك نص صريح ينفي الشرعية عن المسكن الذي ليس له جيران وقد إستقر الأمر حول عدد الخبراء أن لا يقلوا عن ثلاثة إذ لا يجوز الإعتماد على خبيرين إثنين في الحكم بالطاعة كما قرر القرار 9755 من ناحية اخرى لا عبرة للحكم بالطاعه او عدم الحكم كون المسكن الذي جرى الكشف عليه هو ملك للزوج او عاريه او مأجور لأن ذلك لا يشكل دفعاً لشرعية المسكن لأن العبرة في توفر المسكن المستوفي للوازمه الشرعيه والمتوفرة فيه الشروط النافية عنه صفة عدم الشرعية وحول مسألة إشتراط الجيران الصالحين للمسكن فإن الحكم الشرعي غير العرف إذ استقر الحكم الشرعي على إشتراط الجيران الصالحين ويكفي لتحقق الصلاح الشيوع كما ذهب إلى ذلك العلامة إبن عابدين في
( جهاد المرأة حسن التبعل ) أي أن أفضل عمل للمرأة وينزلها منزلة الجهاد طاعتها لزوجها وحسن تزينها له فيصدق بها قوله صلى الله عليه وسلم عن أفضل النساء (التي تطيع زوجها إذا أمر وتسره إذا نظر) ، ورغم ما تعرضت له الديانات السماوية الأخرى من تحريف إلاّ أن المادة 414 من الأحكام العبرية جاءت لتؤكد على وجوب طاعة الزوجة لزوجها معتبره أن الطاعة حق تام للزوج على الزوجة وليس لها مخالفته بل الإذعان له في كل شيء كما الجاريه لسيدها ، وفي العدد 22 من الإصحاح الخامس من رسالة بولص الرسول إلى أهل إفسيس جاءت دعوةً لوجوب خضوع النساء لرجالها لأن الرجل هو رأس المرأة .
من هنا فإن من لوازم طاعة الزوجة لزوجها إلتزامها بكل ما من شأنه رضاه وجلب السعادة إلى البيت ونشر الحب فيه ، فليس لها أن تقوم بأي عمل من شأنه تعكير صفو الحياة الزوجية ورفض أي مطلب للزوج ما إلتزم حدود الشرع فيه ، وقد ذكر الفقهاء أنه لا يجوز للزوجة الخروج من البيت إلاّ بإذن الزوج وإن عليها القيام بواجباتها إتجاه تربية الأولاد تربيه صالحه وأن تكون حريصه على مال الزوج فلا تبذر ولا تسرف بغير وجه حق ، وإن عليها حسن معاشرة أهل الزوج واحترام مشاعره والوفاء له .
أما معصية الزوجة لزوجها يجعلها مصدر شقاءٍ وبؤس ، وقد قال سيدنا داوود عليه السلام في وصف زوجة السوء : أن المرأة السوء مثل شرك الصياد لا ينجو منها إلاّ من رضي الله تعالى عنه ، وكان يقول عليه السلام في دعائه ( اللهم إني أسألك أربعاً وأعوذ بك من أربع : أسألك لساناً صادقاً وقلباً خاشعاً وبدناً صابراً وزوجةً تعينني على أمر دنيايّ وأمر آخرتي ، وأعوذ بك من ولدٍ يكون عليّ سيداً ومن زوجةٍ تشيبني قبل وقت المشيب ومن مالٍ يكون مشبعةً لغيري بعد موتي ويكون حسابه في قبري ، ومن جار سوءٍ إن رأى حسنةً كتمها وإن رأى سيئةً أذاعها وأفشاها ) .
إن الطاعة من قبل الزوجة لزوجها إذن هي أساس قوة الحياة الزوجية واستمرارها ، مع التأكيد على أن لفظة الطاعة وإن تضمن معناها الإنقياد والموافقة ، إلاّ أنها ليس فيها إنتقاص لإنسانية المرأة وكرامتها ، بل جاءت الطاعة كثمره واجبه من ثمار عقد الزواج ، وهذا ما يجعلها حقاً للزوج على الزوجة إلاّ أن هذا الحق يجب أن لا يصحبه الإساءة في إستخدامه إذ يتوجب على الزوج صاحب هذا الحق أن يحسن معاملة زوجته ويعاشرها بالمعروف ، فالإسلام صان وحفظ لها كرامتها وكيانها ومشاعرها .
لكن يبدو أن الحياة الزوجية تتعرض أحياناً لهزات تعكر صفوها وتنشيء جواً مشحوناً بين الزوجين ، تثور معه زوبعة الخلافات وتخيم على البيت ضبابية تكون نتيجتها اللجوء إلى القضاء ، فغالباً ما تنشأ بين الزوجين خلافات تضطر الزوج لإستخدام حقه في طلب الزوجة للطاعة من خلال إقامة دعوى الطاعة أمام المحاكم الشرعية والسير بها حسب الإجراءات القانونية والتي تنتهي إن صحت حيثيات دعواه إلى الحكم على الزوجة بالطاعة الزوجية والعيش مع الزوج حيث يسكن في البيت الزوجي الشرعي ، وإننا في هذا البحث سوف نسلط الأضواء على مختلف القضايا والمسائل المتعلقة بالطاعة الزوجية ودعوى الطاعة للوقوف على أسباب هذه الظاهرة ونقصد بذلك : رفض المرأة الطاعة في البيت الشرعي مما يجعلها ناشزاً إن ثبت صحة دعوى المدعي سعياً منا لوضع الحد من إنتشار هذه الظاهره وتقليصها لما لها الأثر السلبي الكبير على المجتمع والحياة الأسرية من خلال عدد من الملاحظات والتعقيبات التي نرى فيها علاجاً لما نراه خللاً وسبباً من أسباب هذه الظاهرة .
لقد إعتمدنا في بحثنا هذا على عدة مصادرٍ فقهيه وقانونيه تشرح قضية الطاعة وتتناولها من عدة زوايا ، وقد ركزنا في جل بحثنا على القرارات القضائية والإستئنافيه وقانون الأحوال الشخصية في تحديد الموقف وبناء الرأي حول كل مسأله وكلنا أمل في أن نكون قد وفقنا في توضيح الصورة واستكمال حلقات البحث الذي نحن بصدده .
العقد لغة : هو الربط والشد والتوثيق والاحكام والقوة والجمع بين شيئين ، فقال عقدت الحبل أي شددته وقوته وجمعت بين طرفيه ، وهذا هو المعنى الحسي للربط ، أما المعنى المعنوي له فهو القائم بين متعاقدين في شيء كالتعاقد على البيع أو العهد فيكون هنا معنى الربط : الإلزام والإرتباط فيما يتم التعاقد عليه ويدخل في معنى العقد الزام الشخص نفسه في شيء بعقده اليمين على فعل أو قول أمر من الأمور مستقبلاً .
العقد فقهاً : هو الربط بين كلامين صادرين من شخصين على وجه يترتب عليه أثره الشرعي وهو انشاء الالتزام الشرعي المطلوب لهذين الشخصين أو لأحدهما ، وهذا المعنى يتفق مع مفهوم القانونين للعقد حيث يعتبرونه بأنه توافق ارادتين على احداث أثر قانوني من انشاء الالتزام أو نقله او تعديله أو انهائه ، كالبيع والحواله وتأجيل الدين والابراء من الدين أو فسخ الاجاره او البيع ، ويمكن ان تتحقق ارادة العاقدين بصريح العبارة أو الاشارة أو الفعل
العقد في مجله الأحكام العدلية : التزام المتعاقدين أمراً وتعهدهما به وهو عبارة عن ارتباط الايجاب والقبول ، والانعقاد تعلق كل من الايجاب والقبول بالآخر على وجه مشروع يظهر أثره في متعلقهما .
العلاقة بين العقد والاتفاق : يرى الفقهاء أن :-
الاتفاق :- هو أعم من العقد إذ أن الاتفاق هو توافق ارادتين أو اكثر على انشاء التزام او نقله او تعديله او انهائه .
أما العقد :- فهو توافق ارادتين على انشاء التزام أو على نقله ، وعليه فان كل عقد يعتبر اتفاقاً اما الاتفاق لا يعتبر عقداً إلاّ اذا كان منشئاً لإلتزام أو ناقلاً له .
قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا أفوا بالعقود " " سورة المائدة " (1) . وقال تعالى : " واوفوا بالعهد ان العهد كان مسئولا " " سورة الاسراء " (34) .
وفي الحديث ( المسلمون عند شروطهم إلاّ شرطآ أحل حراماً أو حرم حلالاً ) .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحدى نساء الصحابة رضي الله عنهم ( أذات بعل ؟ قالت نعم ، قال " كيف أنت له ؟ قالت لا آلوه ( أي لا أقصر في طاعته ) إلا ما عجزت عنه ، قال فانظري أين أنت منه فانه هو جنتك ونارك ) رواه الترمذي بسند صحيح .
قال رسول الله ( خيركم خيركم لأهله وانا خيركم لأهلي ) رواه الترمذي وإبن ماجه
1- مفهوم عقد الزواج وما ينشأ عنه من حقوق وواجبات :-
إن عقد الزواج كغيره من العقود فيه حقوق وواجبات متبادله عملاً بمبدأ التوازن والتكافؤ وتساوي الأطراف ، إلاّ أن عقد الزواج عقد يبنى على التابيد اساساً . ولكون عقد الزواج قائم اساساً لينظم علاقه الزوجين على اصول وقواعد فان الإسلام نظم حقوق كل من الزوجين والحقوق المشتركه بينهما كما يلي :-
اولاً :- حقوق الزوجة :-
(1) الحقوق المالية :-
أ) المهر :- ويعتبر حقاً خاصاً للمراة بالقرآن والسنة وعليه فلا يجوز ان يعقد زواج بلا مهر لأن القرآن الكريم صريح بنصه " وآتوا النساء صدقاتهن نحله " " سورة النساء " (4) .
ب) النفقة :- وهي حق ثابت في القرآن والسنة ، ففي " سورة البقرة " (233) " وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف " وفي الحديث الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم ساله رجل ما حق المراة على الزوج قال ( تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا إكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلاّ في البيت ) رواه احمد وأبو داوود وابن ماجه .
(2) الحقوق غير المالية :-
1- حق المعاشرة والعشرة : قال تعالى " وعاشروهن بالمعروف " " سورة النساء " (19) وقال إبن عباس ( إني لأحب ان اتزين للمراة كما احب ان تتزين لي ) . وهذا يعني ان على الزوج أن يحسن معاملته لزوجته فيكون طلق الوجه بشوشاً فلا يؤذيها ولا يقسو عليها . بل يتمثل قوله تعالى " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف " " سورة البقرة " (238) ومن حسن المعاشرة كذلك بذل ما يجب من حقها من غير مطل " من أو أذى " لقوله صلى الله عليه وسلم ( مطل الغني ظلم ) .
2- إعفاف الزوجة او الإستمتاع :- فالنكاح مشروع لمصلحة الزوجين دفعاً للضرر عنهما ولهذا فالجماع واجب على الرجل للمراة إذا إنتفى العذر .
3- العزل :- والعزل جائز على إجماع المذاهب ولكنه يحرم عن المراة الحرة إلاّ باذنها .
(3) العدل بين النسوة في المبيت والنفقة :- فعلى الزوج ان يجعل لكل واحدة يوماً وليلة سواء اكان صحيحاً أم مريضاً وسواءً أكانت المرأة صحيحة او مريضة أم حائضاً ام نفساء ، كما أن عليه القرعة عنه السفر فلا يسافر مع واحدة إلاّ بقرعة . ولكن للزوجة الجديدة عند الجمهور سبع ليال إذا كانت بكراً وثلاث ليال إذا كانت ثيباً .
ثانياً :- حقوق الزوج :-
(1) طاعة الزوجة لزوجها " وهو موضوع بحثنا " وتكون الطاعة في الإستمتاع والخروج من المنزل فلا تعصيه إن طلبها إلى الفراش ولو كانت في التنور أو على ظهر دابه ما لم يشغلها ذلك عن الفرائض إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، ومن الطاعة القرار في البيت متى قبضت معجل مهرها ، ونعني بالقرار في البيت تفرغها لشؤون الزوجية والبيت ورعاية الأولاد.
ومن هنا فليس للزوجة الخروج من المنزل ولو إلى الحج إلاّ بإذن زوجها ، ولكن يكره منعها من عيادة أبيها إذا ثقل فيه المرض وحضور مواراته إذا مات ، ومن الطاعة كذلك عدم جواز صومها تطوعاً وزوجها شاهد إلاّ باذنه ، ومن الطاعة كذلك ألا تأذن لأحد في بيته إلاّ باذنه .
(2) الأمانه :- ويدخل في مفهومها أن تكون الزوجة حافظة على غيبة زوجها في نفسها وبيته وماله وولده لقوله صلى الله عليه وسلم ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والأمير راع والرجل راع على اهل بيته والمراة راعية على بيت زوجها وولده فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) .
(3) المعاشرة بالمعروف :- كما ان للزوجة حق على زوجها بالمعاشرة بالمعروف ، فكذلك للزوج حق على زوجته في ان تعاشره بالمعروف فلا تؤذيه لقوله صلى الله عليه وسلم ( لا تؤذي إمراة زوجها في الدنيا إلاّ قالت زوجته من الحور العين لا تؤذيه قاتلك الله فانما هو عندك دخيل يوشك ان يفارقك إلينا ) رواه الترمذي .
(4) حق التأديب :- للزوج حق تاديب زوجته عند عصيانا بالهجر والضرب غير المبرح وولاية التأديب للزوج لا تكون إلاّ إذا كانت الزوجة ناشزاً إما بالفعل كالأعراض والعبوس والتثاقل وأما بالقول كأن تجيبه بكلام خشن . والتأديب يكون على مراحل :-
أولاً :- الوعظ والإرشاد :- وذلك بالكلام والنصيحة دون هجر ولا ضرب .
قال تعالى " واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن " " سورة النساء " (34) .
ثانياً :- الهجر في الفراش والأعراض ، قال تعالى : " واهجروهن في المضاجع " " سورة النساء " (34) ، والهجر يكون بلا ضرب .
ثالثاً :- الضرب غير المبرح إن أصرت على النشوز ، قال تعالى : " واهجروهن في المضاجع واضربوهن " " سورة النساء " (34) ، على ان لا يطال الضرب الوجه والبطن وأماكن الجمال ومواضع الضعف لقوله صلى الله عليه وسلم ( لا يجلد احدكم فوق عشرة أشواط إلاّ في حد من حدود الله ) متفق عليه ، ولكون مشروعية الضرب مشروطه بالسلامة فان الضرب إن أفضى إلى تلف أوجب الضمان عند الشافعية .
رابعاً :- طلب إرسال الحكمين :- تأتي هذه الخطوة إذا لم تجد المراحل السابقة وفيها يرفع الأمر للقاضي لتوجيه حكمين إلى الزوجين حكماً من اهله وحكماً من اهلها للإصلاح ، قال تعالى : " وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من اهله وحكماً من اهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما " " سورة النساء " (35) ، ويشترط في الحكمين أن يكونا :- أ) حرين ب) مسلمين ج) عدلين د) ذكرين هـ) مكلفين شرعاً و) فقيهين بالجمع والتفريق و غير قريبين عصباً للخصمين .
(5) الإغتسال من الحيض والنفاس والجنابه :- فالزوج له الحق في إجبار الزوجة ولو كانت ذمية على الغسل من الحيض والنفاس لأنه يمنع الإستمتاع الذي هو حق له وله إجبار المسلمة على غسل الجنابة لأن الصلاة واجبه عليها وأضاف الشافعية حلق العانه وأضاف الحنابلة غسل النجاسة .
(6) السفر بالزوجة :- فللزوج بعد أن يدفع المهر المعجل ان يسافر بزوجته إذا كان مأموناً عليها .
الحقوق المشتركة :- إن اغلب الحقوق السابقة وخاصة حق الإستمتاع وما يتبعه هي حقوق مشتركه بين الزوجين لكن حق الزوج على الزوجة أعظم من حقها عليه لقوله تعالى " وللرجال عليهن درجة " .
وقد قال الرسول حول ذلك في الحديث ( ألا واستوصوا بالنساء خيراً فانما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلاّ ان يأتين بفاحشة بينه فان فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا أن على نسائكم حقاً ولنسائكم عليكم حقا فحقكم عليهن ان لا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون ألا وحقهن عليكم ان تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن ) رواه ابن ماجه والترمذي .
الطاعة
الطاعة لغةً : إن مادة طاع ، أطاع ، تعني حسب ما ورد في قاموس الوسيط : اللين والإنقياد وإمكان العلاج ، يقال طاع أي : " لان وإنقاد وأمكن علاجه " ، وطاع النبات أمكن رعيه ، وطاع الشجر " أمكن جمع ثمره " ، وطاع الرجل للرجل " أتاه طائعاً سهلا " ، وأما أطاع الثمر " يعني حان قطعه وأمكن جنيه " ، أما طوعَ وطوعت تعني " زين وزينت " ، ومعنى " طوعت له نفسه : زينت وسهلت له نفسه " ، وتطاوع للأمر أي تكلف مزاولته حتى يستطيع ، وتطوع أي " تكلف الطاعة " أو وقام بالعبادة طائعاً مختاراً ، أما إستطاع الشيء فتعني " أطاقه وقدر عليه " ، والطاعة تعني " الإنقياد والموافقة " ، والطواعية تعني " الطاعة " ويقال للرجل طيعاً " إذا كان طائعاً " ، وعن الرجل طيع اللسان " إذا كان فصيح اللسان " ، والمطاوع تعني " المطيع والموافق " ، والمطواع تعني " من يسرع إلى الطاعة " .
الطاعة إصطلاحاً :- هي حق للزوج رتبه الشرع على الزوجة ومدلوله أن تلتزم الزوجة بطاعة زوجها وتنقاد لأمره وتلين له ولا تمانع فيما ليس فيه مخالفةٌ للشرع ومغضبه للرب ، ويقال للزوجةِ مطيعه وطائعه ومطواعه لزوجها متى كانت مدركةً لواجباتها الزوجية .
طاعة الزوجة لزوجها ليست إنتقاصاً لإنسانيتها
لقد نظم الإسلام الحياة الزوجية على أسس سليمة وقوية ومعقوله فيها كل مقومات بناء المجتمع السوي السليم الذي تحفه السعادة والإطمئنان والود . وإذا كان الإسلام قد حدد للزوجين حقوقاً وواجبات فان ذلك إنطلاقاً نحو توضيح اللغة التي تجمع بين الأزواج بشكل يكون فيه طرف عارفاً بحقوقه وواجباته حتى لا تصبح الحياة فوضى لا صراط لها وتعم العلاقة الزوجية والحياة الأسرية التشنجات وكل عناصر الخلاف والمنازعة ، ومن هنا فان الإسلام وهو يلزم الزوجة بطاعة زوجها بما ليس فيه معصية لله وشرعه لا ينتقص من النظر إلى الزوجة او المراة بشكل عام على أنها إنسان له حقوقه وكرامته كما فعلت الشرائع والأقوام الأخرى غير الإسلامية ، فعند الإغريق مثلاً : يقول أرسطو ان المرأة كائن ناقص ضعيف الإرادة وليس في وسعها الرقي إلى مراتب الإستقلال . وكانت المراة عندهم مخلوقاً نجساً لا ينفع لغير دوام النسل ، وأن المرأة الولود تؤخذ من زوجها عارية " لتلد للوطن أولاداً من رجل آخر .
وأما عند اليهود :- فإن للأب حق بيع إبنته وهي قاصر وليس لها حق في الميراث إلاّ إذا كانت وحيده .
وأما الصينيون :- فيحتقرون المراة حتى في أمثالهم الشعبية حيث يقولون ( أنصت لزوجتك ولا تصدقها ) .
وأما الإيطاليون :- فيقولون ( أن المهماز للفرس الجواد والفرس الجموح والعصا للمراة الصالحة والمراة الطالحه ) .
وأما الإسبان :- فيقولون ( إحذر المراة الفاسدة ولا تركن إلى المراة الفاضله ) .
وأما الروس :- فيقولون ( إنك لا تجد في كل عشر نسوه غير روح واحده ) .
وأما الهنود :- فانهم يعتبرون أن ( الموت والمرض والجحيم والسم والأفاعي والنار خير من المرأة ) .
وأما الرومان :- فيعتبرون أن ( المراة متاع مملوك للرجل وسلعه رخيصه وحتى حياة المرأة مملوكه لأبيها ولزوجها ثم لبيتها ، وان المرأة ليست إلاّ شيطاناً نجساً . وفي قرار لمجمع روما خلصوا إلى أن المرأة كائن لا نفس له ويجب ألآ تأكل اللحم ولا تضحك ولا تتكلم معتبرين أن كلامها أداه للإغراء ويحرم على المرأة التملك لأكثر من نصف أوقيه من الذهب ويحرم عليها لبس الثوب الملون ) .
وأما الفرنسيون :- فيقول لوفي أن المرأة شر لا بد منه تنساق إليها النفوس وبلاء لا مهرب منه ومرض عضال ) .
واما في الجاهلية عند العرب :- فإن صور ظلم المراة وهضم حقوقها واحتقارها كثيره ومن الأمثلة على ذلك :-
1- الوأد :-
قال تعالى " واذا بشر احدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألاّ ساء ما يحكمون "
" سورة النحل (58/59) . وقال تعالى أيضاً " وإذا المؤودة سئلت باي ذنب قتلت " " سورة التكوير " (8/9) ، إنه كان من العرب من يقتل ولده خشية الإملاق أي الفقر ، ومنهم من يقتله سفهاً بغير حجة .
2- الزواج في الجاهلية كان على انواع :-
أ) نكاح الناس : يخطب الرجل إلى الرجل إبنته فيصدقها مهرها ثم ينكحها لطالبها .
ب) الإستبضاع : كان يقول لإمراته إذا طهرت من طمثها إذهبي إلى فلان فاستبضعي منه ويعتزلها زوجها حتى يتبين الحمل .
ج) نكاح الرهط :- يجتمع بعض الرجال ( دون العشرة ) فيدخلون على المرأة كلهم ليصيبوها فاذا حملت ووضعت ومر عليها ليال أرسلت إليهم جميعاً وقالت لهم قد عرفتم ما كان من امركم وقد ولدت فهو إبنك يا فلان .
هـ) الشغار :- كان يقول الرجل زوجني ابنتك وازوجك إبنتي أو أختك وأختي ، ولا يكون بينهما مهر .
و) المتعة :- كانت المتعة في أول الإسلام حيث كان الرجل يقدم البلدة لس فيها معرفة فيتزوج المرأة بقدر ما يرى انه مقيم ، وفي الحديث ( يا أيها الناس إني كنت اذنت لكم في الإستمتاع من النساء وان الله حرم ذلك إلى يوم القيامة ، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله ولا تأخذوا مما اتيتموهن شيئا ) رواه احمد ومسلم .
ز) نكاح المقت :- وهو ان يتزوج الولد إمرأة أبيه ، قال تعالى : " انه كان فاحشة ومقتا "
" سورة النساء " (22) ، وان عمرو بن امية تزوج إمراة ابيه بعد موته وولدت له مسافراً وأبا معيط .
ح) البدل :- وهو ان يتبادل زوجان زوجتيهما بدون طلاق وعقد جديد وهي عملية سفاح بالتراضي .
ط) نكاح المخادنه :- وهي إرتباط إمرأة برجل سرا ومعاشرتها معاشرة الأزواج بدون عقد ، قال تعالى : " محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان " " سورة النساء (25) ، وكذلك قال تعالى : " محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان " " سورة المائدة " (5) .
ي) نكاح الإرث :- كان اهل الزوج إذا مات يتملكون زوجته فلهم ان يتزوجوها ولا يحق لها ولا لأهلها الممانعه ولهم ان يزوجوها ويقبضوا مهرها وإن شاءوا عضلوها او إعتقوها بفدية .
إضافة إلى هذه الفوضى في الزواج فان هناك صوراً أخرى لإمتهان المراة في الجاهلية . مثل :-
1- حرمانها من الميراث 2- حرمانها من المهر 3- اكل مال اليتامى والجور عليهن 4- تعدد الزوجات بلا حدود 5- التهاون بالطلاق 6- الإيلاء أي إمتناع الزوج عن معاشرة الزوجة سنة وسنتين 7- الفصل : إذ تكون المراة لا مطلقه ولا مسرحه ولا متزوجه فيذرها زوجها معلقه محرومه من الزواج من غيره .
هكذا كانت المراة إلاّ أن الإسلام جاء بتعاليمه العظيمة يدعو إلى حسن عشرة الزوجة والنظر إليها بعين الحب والعطف والمسامحة والإعراض عن الهفوات وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( إستوصوا بالنساء خيراً ) وقال الغزالي ( ليس حسن الخلق عند الرجل أن يكف أذاه عن زوجته بل ان يحتمل الأذى منها فيحلـم على طيشها وغضبها . تآسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يمازح زوجاته حتى انه كان يسابق عائشه في العدو فسبقته يوماً فقال لها هذه بتلك ) . والرسول صلى الله عليه وسلم وهو يدعو إلى حسن المعاشرة ينبه إلى ان ( المرأة كالضلع ان أقمتها كسرتها وان إستمتعت بها إستمتعت بها وفيها عوج ) البخاري ومسلم .
علة الداء ومصل الدواء
" في نشوز الزوجة ونشوز الزوج "
إن ظاهرة النشوز عادة ينظر إليها على انها مرض يصيب الزوجة وحدها وبسبب النشوز وعدم الطاعة تنشا الخلافات الزوجية التي تنتهي في كثير من حالاتها إلى إحتكام للقضاء حيث يلجأ الزوج الى المحكمة طالباً زوجته إلى بيت الطاعة بقرار صادر عن المحكمة ، ولكن نقول وبقول صراحه أن هذا المنظور لمفهوم النشوز قاصر إذ أن الرجل قد يكون ناشزاً قبل زوجته وعليه تعود كل اسباب فشل الحياة الزوجية وهنا تكون الزوجة ضحيه ، ولكن على كل حال فان النشوز كظاهره سائده في مجتمعنا الذي اصبح يعاني من تراكمات سلبية كثيره كان لها أثرها الواضح في زعزعة أركان الحياة الزوجية لا بد وان ننظر إليها من زاوية السعي إلى علاجها ، وبداية نقول ان الرسول صلى الله عليه وسلم حدد للنشوز عند الزوجة طبعاً علاجاً فقال ( فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع . فقال ابن عباس ( الهجرهو ان لا يجامعها ويضاجعها على فراشها ويوليها ظهره ولا يكلمها مع ذلك ولا يحدثها ) وقال قتادة : الهجر عدم الجماع واذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم امر بالهجر فان الله قبل ذلك أمر بالوعظ فقال عز من قائل ( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فان أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ان الله كان عليا كبيرا ) سورة النساء (34) فالوعظ يكون بالتذكير بالله وعظيم حق الزوج عليها .
وفي السنة النبوية الكثير من الأحاديث التي تذكر بالله فحري بالزوج أن يسمعها لزوجته نذكر منها :-
1- (إذا دعا الرجل إمراته إلى فراشه فلم تاته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح ) رواه البخاري ومسلم وابو داوود والنسائي والبيهقي .
2- ( والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو إمرأته فتأبى عليه إلاّ كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها ) رواه البخاري ومسلم .
3- ( إذا باتت المرأة هاجره فراش زوجها لعنتها الملائكه حتى تصبح ) رواه مسلم والبخاري والنسائي .
4- ( ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً : رجل أم قوماً وهم له كارهون وإمراه باتت وزوجها عليها ساخط واخوان منصرمان ) رواه ابن ماجه وابن حيان عن ابن عباس عن الرسول صلى الله عليه وسلم .
5- ( اثنان لا تجاوز صلاتهما رؤوسهما عبد آبق " هارب " من مواليه وإمرأه عصت زوجها حتى ترجع ) رواه الطبراني والحاكم .
6- ( ايما إمرأه ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة ) رواه ابن ماجه والترمذي والحاكم عن أم سلمه عن الرسول صلى الله عليه وسلم
7- ( إذا صلت المراة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها أدخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت ) رواه أحمد والطبراني عن عبد الرحمن بن عوف عن الرسول صلى الله عليه وسلم .
8- عن عائشة رضي الله عنها قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أي الناس أعظم حقاً على المرأة ، قال زوجها قلت : فأي الناس أعظم حقاً على الرجل قال أمه ) رواه البزار والحاكم .
9- التذكير بآيات الله وبأن الزوجة خلقت لتكون سكناً للزوج والسكن لا يكون إلاّ متى سادت المعاشرة والمودة والرحمة .
وبعد التذكير والوعظ يكون الهجر بالمضاجع لا في بيت أهل الزوجة كما هو سائد هذه الأيام والهدف من الهجران حتى تريها أنك مع توفر الدواعي باستقرارك معها على فراش واحد تستطيع بقوة إرادتك أن تتغلب على غريزتك مع قربك منها وعلى فراش واحد وخاصة متى علمنا ان الهجر لا يعني هجر الفراش والحجرة دائماً وإنما هجر الزوجة وهي في مضجعها وانت معها على فراش واحد وذلك بان توليها ظهرك ولا تكلمها ولاتحدثها والغاية من هذا الإجراء :-
أولاً :- بيان موقف الزوج بالنسبة لداعي الغريزة .
ثانياً :- تهيئة المجال لفض النزاع إذ أن وجود الرجل بجانب المراة معرضاً يكون حافزاً للزوجة إلى أن تساله عن أسباب نفوره فيجيبها ومن ثم يبدآن في تعرف الدوافع وتصفية الحساب فلا يغمض لهما جفن حتىيحل الوئام محل الخصام .
واما الضرب فهو وسيله للتاديب ولكنها مقيده بان لا تكون وسيله إنتقام حيث حذر الرسول بان لا يكون الضرب مبرحاً ولا يقع على مناطق الجمال أو الضعف فيشوه ويكسر ، وكما فسره ابن عباس بان يكون الضرب بالسواك او نحوه كاليد والقصبة الصغيرة ، لأن المرأة إنسان له كرامته وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( لا يجلد أحدكم إمرأته جلد العبد ثم يجامعها آخر اليوم ) رواه البخاري . ومن هنا فالضرب مباح عند الضرورة وبعد إستنفاذ كل السبل التي سبقت للإصلاح كالهجر والتذكير لأن الزوجة هنا تكون من النوع الذي لا يستقيم إلاّ بالضرب . وهذا النوع غالباً ما يستفحل فيه الخلاف وعدم الوفاق بين الزوجين ويصبح الزوج لا يملك من وسائل الإصلاح إلاّ اللجوء إلى التحكيم بتكليف حكم من أهله وحكم من أهلها ممن توفرت فيه شروط الإنصاف وعدم التحيز والروية وعدم الإندفاع والحرص على رأب الصدع وإصلاح الفساد والقدرة على الفهم والإدراك السليم لقوله تعالى ( وإذا خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من اهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيرآ ) سورة النساء آيه (35 ).
إن كل المساعي التي ذكرت للإصلاح بين الزوجين ما هي إلاّ تأكيداً على أن العلاقة الزوجية هي رابطة من نوع مختلف فلا يكون القضاء على هذه العلاقة لمجرد هبوب رياح الكراهية او الجفاء ، ومن هنا فان على الزوجين ان يفهما أن الزواج ليس مجرد وسيلة لإرضاء او إشباع شهوة او غريزة جسدية وليست علاقة آنية تنتهي بانتهاء السبب بل أن الزواج علاقة إنسانية دائمه تجمع بين الغرائز الجسدية والنوازع النفسية رأس مالها الحب والوفاء والإيثار والرعاية والثقة وهدفها السكون النفسي والجنسي وتقاسم المسؤولية الحياتية وشعارها التعاون . وهذه كلها امور تدعو الأزواج الذين عصفت بعلاقتهم الزوجية رياح الكراهية والجفاء إلى تحكيم العقل وعدم الإستسلام والرضوخ لحبائل الشيطان إدراكاً منهم بان الزواج ليس صفقة تجارية يبتاع الزوج شيئاً من الجمال بشيء من المال .
" الجهل في الأحكام يشعل نار الخصام "
إن المتابع للخلافات الزوجية والتي قد تصل احياناً إلى الطلاق أو الإحتكام إلى القضاء يجدها خلافات كان الجهل في الحكم الشرعي في كثير من المسائل سبباً رئيساً فيها . فالزوج يفهم ان تكون العصمة بيده أنه يملك سلاحاً فتاكاً به ينكل بالمرأة ويظلمها ويهدر حقوقها ونسي انه مسؤول عن زوجته بالرعاية والكفل والترحم والزوجة بالقدر الذي تجهل فيه حدودها واحكام الشرع في كثير من القضايا في علاقتها مع زوجها بالقدر الذي تكون فيه سبباً في إذكاء نار الخلاف واشعال نار التنافر وعلى سبيل المثال فإن عدم إدراك الزوجة لواجبها في التزين لزوجها فقط وكذلك عدم إدراك الزوج لواجبه في التزين لزوجهته فقط يوقع في كثير من الأحيان في شراك الكراهية والبغض . من هنا فقد علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم ان تتزين المرأة لزوجها حتى لا تتشبه بالرجل في الخشونه والشدة هو من الأصول الشرعية وذلك دون إسراف .
نشوز الزوجة يحطم جدار المحبة بين الزوجين
إن دوام العلاقة الزوجية مرهون بمدى قدرة الزوجين على تقليص نقاط الخلاف وتضييق أسبابه وهذا كله امر يتوقف على مدى إدراك وفهم كل من الزوجين للحقوق والواجبات والحدود الضامنه لسلامة الحياة الزوجية ولكن إذا ما عجز الزوجان معاً او لم يتفهم هذه الحقوق أي منهما تكون بذور الشقاق والخلاف قد غزت عشهما الزوجي وتعتبر الزوجة الخارجة عن طاعة زوجها ناشزاً بمعنى انها أصبحت متمرده على واجباتها كزوجة ومخالفه للنصوص الشرعية الداعية إلى طاعة الزوج باعتبارها حقاً أكبر من حق طاعة الوالدين مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم ( حق الزوج على زوجته لو كانت له قرحه فلحستها ما أدت حقه ) رواه أبو سعيد الخدري . وقوله عليه الصلاة والسلام ( لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها فوالذي نفسي بيده لا تؤدي المرأة حق ربها عز وجل حتى تؤدي حق زوجها كله حتى إن لو سألها نفسها وهي على قتب اعطته او قال لم تمنع ) .
إن لنشوز الزوجة وجوهاً كثيره نذكر منها :-
(1) خروج الزوجة من بيت زوجها بغير إذنه من غير حاجه ماسه ، إلاّ أن خروج الزوجة من بيت زوجها في غيبته لزيارة أقارب او جيران لعيادتهم او لتعزيتهم لا يعتبر نشوزاً عرفاً ما لم ينهها عن ذلك .
(2) عدم تمكينها الزوج من وطئها .
(3) عمل الزوجه من غير إذن زوجها .
(4) تقصير الزوجة في واجباتها نحو اولادها وزوجها .
(5) عدم طاعة الزوج في مطالبه الزوجية بالقيام بالواجبات الدينية كالصلاة .
(6) رفض الزوجة تنفيذ قرار المحكمة بطاعة الزوج .
إن النشوز وإن لم ينته بالطلاق فإنه يضع على صفحات العلاقة الزوجية نقاطاً سوداء لها كبير الأثر في زعزعة الحياة الزوجية واستقرارها بعكس الطاعة نجدها تطفي على الحياة الزوجية كل حيوية وعلى المشاعر كل تجديد ودفيء ، والزوجة السعيدة هي التي فجر الحب الإنساني في أعماقها ينبوعاً أزلياً فأضاء نفسها وأشرق على عالمها نوراً وجمالاً ورقة وانوثه وحناناً وربيعاً دائماً وحباً وطاعه وحفظاً لحدود الله ، وأما الزوجة التعيسة فهي التي تتخلى عن الأنوثه وتظن ان الطلاق والتحرر والتبرج هو اقصر الطرق إلى قلب الرجل بينما هذه الحرية تشوه صورتها وتزلزل مكانتها عنده فلا تفوز بقلبه ولا تحظى بإعجابه . وهذا يقودنا إلى التأكيد على أن حفاظ الزوجة على زوجها له أسباب نذكر منها :-
1- طاعة الله فيما أمر .
2- الإقلاع عن المعاصي .
3- طاعة الزوج والتقرب إليه والتلطف معه .
4- نظافة المنزل والجسم .
5- تربية الأطفال تربية إسلامية .
6- عبادة الله والتقرب إليه بخدمة زوجها وطاعته .
7- إستقبال الزوج بابتسامه وتهيئة الجو المناسب المريح له .
8- إشعار الزوج بالحب والإحترام .
9- مراعاة أقارب الزوج واحترامهم وتقديرهم وخاصة والديه وأخوانه .
10- حسن الخلق مع الزوج لأن الأخلاق هي الجمال الحقيقي .
الوصية الجامعة
لقد أوصت امامه بنت الحارث التغلبيه إبنتها وهي تزفها إلى زوجها الحارث بن عمرو ملك كنده فقالت ( أي بنية لو إستغنت إمرأة عن زوج بفضل مال أبيها لكنت أغنى الناس عن ذلك ولكن للرجال خلقنا كما خلقوا لنا . بنيه إنك قد فارقت الحمى الذي منه خرجت والعش الذي فيه درجت إلى وكر لم تعرفيه وقرين لم تألفيه . أصبح بملكه لك مليكاً فكوني له أمه يكن لك عبداً وشيكاً . واحفظي عني خلالآ عشره يكن ذكراً وذخراً . أما الأولى والثانيه فالصحبة بالقناعه والمعاشره بحسن السمع والطاعه ، فإن في القناعه راحة القلب وفي حسن المعاشرة مرضاة الرب وأما الثالثه والرابعه فالمعاهده لموضع عينه والتفقد لموضع آنفه فلا تقع عيناه منك على قبيح ولا يشم أنفه منك إلاّ طيب ريح واعلمي يا بنيه ان الكحل أحسن الحسن الموجود والماء أطيب المفقود والخامسة والسادسة التعاهد لوقت طعامه والتفقد لحين منامه فإن حرارة الجوع ملهبه وتنغيص حاله مكر به وأما السابعه والثامنه فالإحتفاظ ببيته وماله والرعاية للحشم والعيال من حسن التدبير ، وأما التاسعة والعاشرة فلا تفشين له سراً ولا تعصين له أمراً فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره وإن عصيت أمره أوغرت صدره واتقي مع ذلك قلة الفرح إذا كان ترحاً والإكتئاب إذا كان فرحاً فإن الأول من التقصير والثانية من التكدير وأشد ما تكونين له إعظاماً أشد ما يكون لك إكراماً وأشد ما تكونين له موافقة أطول ما يكون لك موافقة ، واعلمي يا بنيه أنك لا تقدرين على ذلك حتى تؤثري رضاه على رضاك وتقدمي هواه على هواك فيما أحببت أو كرهت .
أي بنيه لا تغفلي عن نظافة بدنك فإن نظافته تضيء وجهك وتحبب فيك زوجك وتبعد عنك الأمراض والعلل وتقوي جسمك على العمل ، فالمرأة التفله تمجها الطباع وتنبو عنها العيوب والسماع . وإذا قابلت زوجك فقابليه فرحه مستبشره فإن المودة جسم روحه بشاشة الوجه .
ماذا قال الشعر في المراة الصالحة
ان الزوجة الصالحة هي السعادة وهي التي تعين زوجها على طاعة الله وتمنحه السكن النفسي والراحة التامة ، وان دين الزوجة وتقواها هما مقياس الصلاح ، وصدق الشاعر حيث قال:
ودود ولـــــود حــــــره عــــــربية *** مخــــدره مـــــع حسنها تكرم البعلا
وبـــاذلة نظيفـــــة ولطيفـــــة مـن *** أظـــــرف إنســـــان وأحسنهم شكلا
شكور صبور حلـــوة وفصيحــــة *** ومتقنـــــة تتقــــن القــــــول والفعلا
مطاوعــه للبعــل يقضي أديـبــــة *** موافقــــــة قـــــولاً وفعـــلاً فما أعلا
مداريـــــة للأهل إن عتــبت وان *** احبــــت فـــلا حقــد لديهـــا ولا غلا
رقيقــة قلب مـــــع ســلامة دينها *** فلست ترى شبها لها في النساء أصلا
تنقل في الأشـــغل من ذا لذا وذا *** وتفعــل حتى الكنس والطبــخ والغسلا
مربيــه حنانـــة ذات رحمة وكل *** يتيـــــــــــم واحــد عندهــــا فضــــــلا
عديمـــة لفظ والتفات إذا مشـــت *** صموت فلا قطعــــاً تـــــرد ولا وصلا
يعز على من بطرق الباب لفظها *** جوابــــــاً فـــــلا عقـــداً تــراه ولا حلا
يطيـــل وقوفاً لا يجــاب محــرم *** عليهــــــا كــــلام الأجنــــبي وإن قـــلا
وحافظــــة للغيب صالحــه أتت *** لحــــــق إذا كانت مناقبهـــــا تتـــــــــلا
وقانتــة صوامــــة ومدلــــــــــة *** بعقـــــل وتدبيــــر تــــراه العــــدا بخـلا
" الطاعة الزوجية ليست مطلقة "
إن الإسلام جاء مخالفاً لما ذهبت إليه اليهودية والمسيحية في حدود المسؤولية وتحمل نتائج الفعال ولم يحصر هذه المسؤولية بالمراة دون الرجل كما يفعل اليهود الذين يعتبرون المراة شيطان الرجل وهي مسؤولة عن خطيئته في عصيان امر ربه ومذهبهم هذا باطل بصريح الآية الكريمة التي تحمل مسؤولية عصيان الرب لآدم وليس لحواء قال تعالى: ( وعصى آدم ربه فغوى ثم إجتباه ربه فتاب عليه وهدى ) سورة طه الآية (121-122) . فالمسؤولية في الإسلام فردية وليس فيها توارث قال تعلى( كل نفس بما كسبت رهينة) سورة المدثر آية (38) كما ذهبت المسيحية التي تعتبر ان المرأة سبب الإثم ومصدر الخطيئة والشر ويجب قهرها إلى أقصى الحدود ، فيما نجد الإسلام وهويتحدث عن المرأة ينزلها منزلة ومكانة مرموقه في المجتمع ، وقد جاءت اول قاعدة في الإسلام تقرر أن النساء شقائق الرجال وقرر الإسلام أن المرأة اهل للمسؤولية الكاملة وأنها صاحبة رأي ومسؤولية مستقلة عن الرجل . ومن هنا فإن حدود طاعة المرأة في الإسلام لزوجها ليست مطلقة لأن ذلك يتنافى مع كرامة وإنسانية واهلية المراة ، اما عند اليهود فقد ورد في المادة 413 من كتاب الاحكام العبرية أن سلطة الزوج على الزوجة في أمر التربية والدين مطلقة لا حدود لها والمادة 414 تنص على انه متى خرجت الزوجة من بيت اهلها ودخلت بيت زوجها وجب عليها طاعته والإمتثال لأوامره مهما كانت شأنها شأن الجارية لسيدها والمادة 418 تعتبر انه ليس للزوجة مفارقة زوجها لأي سبب كان حتى لو اصيب بعجز او صار مقعداً ، والمرأة حسب المادة 313 لا ترث زوجها بأي حال من الأحوال ، أما هو فإن المادة 419 تعتبر جميع مال الزوجة هو ملك لزوجها وليس لها سوى ما فرض لها من مهر تطالب به بعد موته وأنه حسب المادة 426 يعتبر الوريث الوحيد لزوجته إذا ماتت ولم تعقب ذرية من الأولاد . وعند المسيحية فقد ورد في إنجيل كونثوس 11/3/9 أن الرجل لم يخلق من أجل المرأة بل المرأة خلقت من اجل الرجل وأنه ليس للمرأة أن تتكلم بل تخضع للرجل كما للرب ونظرتهم هذه تجاه المرأة قادتهم إلى حرمانها من كافة حقوقها وحتى من إنسانيتها حيث كتب أسقف فرنسي أن كل النساء بلا إستثناء مومسات ، وقال الراهب البونديكتي برناردي موريسكس أنه لا توجد أية إمرأة طيبه على وجه الأرض وتمادى الرهبان في إحتقارهم للمرأة فاعتبروها ألد اعداء الرجل وأنها المدخل الذي يحبه الشيطان .
وعليه فموضوع الطاعة لا يقوم في الإسلام على قاعده سلطويه بل ان الطاعة مطلب إنساني وشرعي لإستقامة وتنظيم الحياة الزوجية والأسرية ولكنها في نفس الوقت محكومة بأصول وحدود وقواعد تلقى لدى المرأة وهي تعمل بها قبولاً في نفس الوقت الذي يشعر فيه الزوج أنه مسؤول وحدود مسؤوليته تنظمها الأصول الشرعية في وجوب التقوى والعدالة والشعور الإنساني وإلاً فإن ظلم الزوج لزوجته وممارسته لحقه بتعسف وفرعنه لا يرتب له حقاً على الزوجه بطاعتة " إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " والله نهى عن الظلم وتوعد صاحبه . ومن هنا فإن الزوج المسلم لا يحق له ان يفسر النصوص الشرعية من آية أو حديث فيه تشديد وتوصيه بطاعة الزوجة لزوجها على انها إنتقاص لإنسانية المرأة وكرامتها أو مدخل لإظهار سلطته وتجبره وقسوته وعليه أن يتذكر دوماً قوله صلى الله عليه وسلم ( من رزقه الله إمرأة صالحه فقد اعانه على شطر دينه فليتق الله في الشطر الثاني ) رواه الحاكم وصححه . وقوله صلى الله عليه وسلم (الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة) كما ان عليه العمل بالقاعدة التي تقول أن الزوج المسلم إن أحب زوجته أبرها وإن كرهها ما ظلمها .
كما أن الزوجة ملزمة بطاعة زوجها شرعاً وقانوناً متى أدى الزوج لها حقوقها ، ومن مستحقات هذه الطاعة عيشها معه في البيت الزوجي الذي أستوفيت فيه الشروط الواجبة في البيت الشرعي وطاعته في غير معصية لله وقيامها بواجبها نحو أولاده في التربية والرعاية .
متى تبدأ طاعة الزوجة لزوجها
إن نص المادتين 36 و 37 من قانون الأحوال الشخصية يشير إلى أن مسألة وجوب طاعة الزوجة لزوجها مرهون بقضيتين رئيسيتين هما تهيئة المسكن الشرعي وقبض المعجل . فمتى هيأ الزوج المسكن المحتوى على اللوازم الشرعية وقام بتسليم الزوجة لمهرها المعجل وجبت على الزوجة طاعتها لزوجها والإقامة معه في مسكنه الشرعي والإنتقال معه إلى أية جهه أرادها الزوج . وهنا يجب ان نشير إلى ان دفع الزوجة لدعوى الطاعة التي اقامها زوجها بحجة ان المسكن الذي يطلبها للطاعة فيه تم إختياره من قبله هو دونما إستشاره لها لا يعتبر لأن نص المادة 37 من قانون الأحوال الشخصية واضح حيث يعتبر أن حق إختيار المسكن هو حق خالص للزوج وليس للزوجة وأما بخصوص دفع الزوجة لدعوى الطاعة بحجة عدم دفع الزوج لمهرها المعجل فإن المحكمة في هذه الحالة تفصل في هذا النزاع بما يقتضيه الوجه الشرعي فإذا قام الزوج بدفع المقدار المطلوب حالاً رد دفع الزوجة وسارت بحقها دعوى الطاعة حسب الأصول .
" ما هي مواصفات البيت الزوجي الشرعي "
وجوب تهيئة الزوج للبيت الزوجي واشترطت ان يكون مشتملاً على اللوازم الشرعية دون أن تحدد طبيعة هذه اللوازم تاركةً ذلك للإجتهاد وعليه فقد كانت هذه القضية مثار التساؤلات ومدخلاً للزوجة في الإدعاء بعدم شرعية المسكن ، ومن هنا فإن دفع الزوجات اللواتي أقيمت ضدهن دعوى طاعة يستند في الغالب على عدم شرعية المسكن وهذا ما دفعنا إلى مراجعة القرارات القضائية في كتاب أصول المحاكمات الشرعية ) حول هذه القضية وتقسيم هذا الموضوع إلى قسمين :-
أولاً :- الدفوع التي تعتبر مقبولةً شرعاً حول المسكن وتنفي عنه شرعيتة وترتب دعوى الطاعة نذكر منها :-
1- عدم شرعية المسكن لعدم صلاح جيرانه شرط معتبر وفق المادة 281 من كتاب أصول المحاكمات الشرعية
2- عدم شرعية المسكن لأن الزوج هيأه لمضارة الزوجة وانه غير مأمون عليها يعتبر دفعاً مقبولاً حسب القرار رقم 90 .
3- عدم شرعية المسكن لإنشغاله بمتاع الغير واعتراض الزوجة على ذلك يعتبر دفعاً مقبولاً حسب القرار رقم 5703 .
4- عدم شرعية المسكن لعدم وجود مطبخ يعتبر دفعاً مقبولاً ما لم يكن ثمة عرف معتبر شرعاً فيحقق ما يقتضيه العرف حسب المادة 280 من كتاب النفقات وكذلك الأمر بالنسبة لبيت الخلاء حسب القرار 5703
5- عدم شرعية المسكن لعدم إحتوائه على اللوازم الضرورية للزوجة كالمشط وطشت الغسيل والصندوق أو ما يقوم مقامه لحفظ الملابس يعتبر مقبولاً حسب القرار 8341/8988 .
6- عدم شرعية المسكن لوجود الضره فيه وانه لا يوجد بيت آخر للضره حسب القرار8961
7- عدم شرعية المسكن كون الزوجة غير آمنه فيه على نفسها ومالها إذا خرجت منه لقضاء بعض حوائجها الشرعية كخلوة من النافذه وشبابيك الحماية خاصة إذا كان البيت منعزلاً يعتبر مقبولاً حسب القرار 7831 .
8- عدم شرعية المسكن لعدم وجود جيران حوله لإنعدام المؤنس يعتبر دفعاً مقبولاً حسب القرار 9723 .
9- عدم شرعية المسكن لوجود إبن الزوج المميز المولود له من زوجه أخرى يعتبر مقبولاً حسب القرار رقم 9155 .
10- عدم شرعية المسكن لوجود بنتين مميزتين مولودتين للزوج من زوجة ثانية يعتبر مقبولاً عملاً بالمادة 282 من كتاب النفقات .
11- عدم شرعية المسكن كون بئر الماء في ارض الجيران والزوج ليس مستعداً لإحضار الماء لزوجته وان بيت الخلاء الواقع خارج البيت بلا سقف يعتبر مقبولاً حسب القرار رقم 21650 .
ثانياً : - " الدفوع التي لا تعتبر مقبوله شرعاً حول المسكن ولا تنفي عنه شرعيته "
بداية نقول ان المسكن الشرعي يكون عادة متفقاً وحال الزوج وعليه فإن البيت يعتبر شرعاً وان دعوى الطاعة تبقى سارية بحق الزوجة حسب الأصول في حالات كثيرة نذكر منها :-
1- كون المسكن مستاجر لا ينفي مشروعية السكن حسب القرار 5703 .
2- كون الطابون للمسكن مشترك لا ينفي مشروعيته حسب القرار 5703
3- عدم كسوة الزوجة لا ينفي مشروعية المسكن حسب القرار 7054 .
4- عدم وجود مفتاح لصندوق الملابس لا ينفي شرعية السكن حسب القرار 8337 .
5- كون منافع المسكن مشتركه لا ينفي شرعية المسكن متى كان الزوج من الطبقة الفقيرة حسب القرار 9535 .
6- عدم وجود الماء لا ينفي شرعية المسكن بل يلزم الزوج بإحضار الماء لزوجته حسب القرار 9125 و 9202 . وحسب نص المادة 287 من كتاب النفقات التي تنص على أن عدم وجود بئر الماء او الصهريج داخل المسكن لا يمنع شرعيته وأن على الزوج إحضار االماء .
7- سكن شقيق الزوج وأفراد اسرته في غرفة ملاصقه لغرفة الزوج ولو يكن بينهما ساتر أو حاجز لا يؤثر على شرعية المسكن متى كان الزوج والشقيق من طبقة الفقراء حسب القرار رقم 19265 .
دعوى الطاعة وصلاحية النظر فيها
إن المحكمة المختصة بالنظر في دعوى الطاعة هي محكمة محل المدعى عليها وبالتالي فهي ليست مشموله بالإستثناء الوارد في المادة ضمن دعاوى النكاح لأن المقصود فيها معرفة ماذا كان الزواج نفسه موضع نزاع . قرار 8621 ، ودعوى الطاعة إذا صدر فيها حكم واستؤنف الحكم فلا يجوز إقامة دعوى جديدة قبل إكتساب الحكم الأول الصورة القطعية لدى محكمة أخرى لأنه من المحتمل أن تفسخ محكمة الإستئناف هذا الحكم فيكون لدى المحكمتين حكم واحد وهذا مخالف للفقرة السابعة من المادة الثالثة من قانون اصول المحاكمات الشرعية وهذا ما ورد في القرار 8311 .
ومن ناحية أخرى فإن دعوى الطاعة لا يبت فيها قبل أن يفصل في دعوى النزاع والشقاق بصورة حاسمه وقاطعه لأن المعيار في لزوم الطاعة نشوز الزوجة وقضية الشقاق والنزاع مسأله قد لا تنتهي لصالح الزوج وبالتالي لا يكون هناك نشوز أصلاً وبالتالي لا تستوجب الطاعة وهذا ما فسره القرار 8530 .
إن غالب دعاوى الطاعة تكون مربوطة بالمسكن إذ أن الزوجة تدعي بعدم الشرعية فيما الزوج يدفع إدعاء زوجته بادعاء شرعية المسكن وهنا ينشأ إجراء الكشف على المسكن فإذا كان خبراء الكشف منتخبين من قبل الطرفين فإن قرارهم يكون ملزماً لهما وهذا ما ورد في القرار 5703 . كما أن كل كشف جرى على المسكن موضوع الدعوى قبل إقامة الدعوى لا يعتمد وهذا ما صرح به القرار 89 .
وإذا لم ينتخب المتداعين خبراء للكشف على المسكن تقوم المحكمة بتعيين خبراء من قبلها وهنا يجب التنويه الى أن مجرد إخبار الخبراء لا يعني حكماً بل أن وظيفة مناب الكشف ليست الحكم بشرعية أو عدم شرعية المسكن بل أن وظيفته تنحصر في مراقبة وتوثيق الواقع والقاضي هو المخول بعد الموازنه لقرار الخبراء بإصدار قرار الشرعية من عدمها وهذا ما اوضحه القرار 9723 ، وعلى سبيل المثال قد يحكم الخبراء بشرعية المسكن لمجرد الكشف على موجودات المسكن رغم عدم وجود جيران له فهنا فإن إخبارهم بشرعية او عدم شرعية المسكن ليس له إعتبار طالما هناك نص صريح ينفي الشرعية عن المسكن الذي ليس له جيران وقد إستقر الأمر حول عدد الخبراء أن لا يقلوا عن ثلاثة إذ لا يجوز الإعتماد على خبيرين إثنين في الحكم بالطاعة كما قرر القرار 9755 من ناحية اخرى لا عبرة للحكم بالطاعه او عدم الحكم كون المسكن الذي جرى الكشف عليه هو ملك للزوج او عاريه او مأجور لأن ذلك لا يشكل دفعاً لشرعية المسكن لأن العبرة في توفر المسكن المستوفي للوازمه الشرعيه والمتوفرة فيه الشروط النافية عنه صفة عدم الشرعية وحول مسألة إشتراط الجيران الصالحين للمسكن فإن الحكم الشرعي غير العرف إذ استقر الحكم الشرعي على إشتراط الجيران الصالحين ويكفي لتحقق الصلاح الشيوع كما ذهب إلى ذلك العلامة إبن عابدين في
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى