تاريخ الجزائر
صفحة 1 من اصل 1
تاريخ الجزائر
أكدت الآثار المكتشفة في الجزائر أن الإنسان قد سكنها في كهوف العصر الحجري، فيما أصبح يُعرف باسم الحضارة الوهرانية، ولها امتدادات في كل من تونس ومراكش.
وقد أُطلق على معظم السكان الأصليين في بلاد المغرب اسم البربر، ويعيد بعض الدارسين هذه الكلمة إلى لفظ لاتيني قديم هو Barbarus، أطلقه الرومان على سكان البلاد. في حين يعتقد آخرون أن العرب المسلمين هم الذين أطلقوا هذا الاسم على سكان الشمال الإفريقي عند الفتح العربي الإسلامي، ومن المؤكد أن العرب المسلمين أطلقوا اسم البربر على جميع السكان الأصليين، في حين أطلق البربر على أنفسهم اسم الأمازيغ[ر]، وتعني السادة الأحرار -كما سماهم بذلك ابن خلدون- ويرى أن هذه التسمية جاءتهم لكونهم أبناء مازيغ بن كنعان بن حام، ويقسم النسّابة البربر إلى قسمين هما: البرانس وهم سكان المدن والقرى المستقرون المتحضرون، والبتر وهم سكان الخيام أي أهل البداوة.
أما في العصور التاريخية، فقد ذكر العلماء أن أولى الموجات البشرية التي وصلت إلى بلاد المغرب هي الموجة الفينيقية التي جاءت من سواحل بلاد الشام عن طريق البحر، وبدأت بتأسيس مدينة قرطاجة في تونس، ومنها انتشروا غرباً، أي إلى بلاد الجزائر ومراكش. ويعود تاريخ هذه الموجة الفينيقية الكنعانية، إلى الألف الثانية قبل الميلاد، وكانت هجرة الفينيقيين من أهم الهجرات التي طبعت الجزائر بطابعها الحضاري، وهم تجار مغامرون سيطرت سفنهم على مياه البحر المتوسط، وأسسوا مراكز لهم على سواحل الجزائر أهمها جيجل (عنابة)، وحدث اختلاط بينهم وبين البربر، وكانت مدينة قرطاجة في تونس جوهرة المدن الفينيقية في الشمال الإفريقي.
عهد الرومان والروم
انتهت حياة قرطاجة وبقية المدن الفينيقية في الشمال الإفريقي على أيدي الرومان الذين أحرقوا المدن ودمروها وقتلوا كثيراً من أهلها. وبدأت حروب طويلة بين البربر والرومان من أجل الحرية والاستقلال، وكانت ثورات البربر لا تنقطع في وجه الاستعمار الروماني الذي بقي في الشمال الإفريقي حوالي ستة قرون، انتشر خلالها الخراب والفقر والظلم. انتهى عهد الرومان في الشمال الإفريقي في بدايات القرن الخامس (429م)، وذلك على أيدي الواندال Vandales بقيادة ملكهم غنزريك Genseric. وفي عام 533م فقد الواندال سيطرتهم على الشمال الإفريقي على أيدي الروم حكام القسطنطينية.
العهد العربي الإسلامي
في عهد الخليفة الراشدي الثالث عثمان بن عفان، كانت بداية الفتح العربي الإسلامي للشمال الإفريقي على يد عبد الله بن سعد بن أبي سرح[ر] سنة 26هـ/646م، الذي انتصر على جموع الروم ومن حالفهم من البربر، وبدأت حروب طويلة استمرت حتى عهد أول خليفة أموي، معاوية بن أبي سفيان، الذي عهد بمهمة الفتح في إفريقية إلى القائد الشاب عقبة بن نافع[ر]، وهو الذي أسس مدينة القيروان في تونس، وواصل الزحف حتى وصل إلى مياه الأطلسي، واستشهد في أثناء عودته في معركة استشهادية في أرض الجزائر مع مجموعة من جنده في منطقة تهوذة جنوبي جبال أوراس، حيث أقيم على قبره مسجد ومزار يعرف اليوم باسم سيدي عقبة، وكان ذلك سنة 63هـ/682م . وتولى أعمال الفتح بعده حسان بن النعمان[ر] واعتنق معظم البربر الإسلام نتيجة معاملة العرب المسلمين لهم وتعايشهم معهم، وأخلصوا في إسلامهم وانضموا إلى عمليات الفتح في الأندلس، وبذلك أصبح الشمال الإفريقي ولاية من ولايات الدولة العربية الإسلامية ومركزها مدينة القيروان.
في سنة 160هـ/776م تأسست في المغرب الأوسط، على يد قاضي القيروان عبد الرحمن بن رستم، دولة إسلامية مستقلة، هي الدولة الرستمية وعاصمتها تاهرت، وهي دولة بربرية إباضية المذهب، بسطت سلطانها على أنحاء الجزائر، ودامت نحو قرن ونصف، ثم أصابها الضعف وقضى عليها الفاطميون.
العهد الفاطمي
في أواخر القرن الثاني الهجري، قسمت بلاد الجزائر بين نفوذ دولتين، هما دولة الأغالبة، وكان مركزها القيروان، وقد أسسها إبراهيم بن الأغلب[ر] في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد، الذي منح حكامها الأغالبة استقلالاً إدارياً وحكماً وراثياً، وامتد نفوذهم إلى شرقي الجزائر. في حين كان غربي بلاد الجزائر يخضع للدولة الرستمية، إلى أن قامت الدولة العبيدية ـ الفاطمية، وهي دولة شيعية المذهب، وقد نجح داعيتها أبو عبد الله الشيعي بالقضاء على دولة الأغالبة في تونس سنة 296هـ/902م، وأصبحت بلاد الجزائر كلها تحت سيطرة هذه الدولة الجديدة العبيدية، نسبة إلى مؤسسها عبيد الله بن محمد الملقب بالمهدي، والذي اتخذ من المهدية عاصمة له. وعرفت الجزائر وبقية مناطق المغرب أمناً واستقراراً وازدهاراً في عهد هذه الدولة التي اشتهرت باسم الدولة الفاطمية.
عندما رحل المعز لدين الله الفاطمي إلى مصر واتخذها قاعدة لدولته الكبرى، استخلف على الشمال الإفريقي بلكين بن زيري، وهو مؤسس دولة صنهاجة في تونس، ومن ملوك هذه الدولة حماد الصنهاجي، الذي خلع بيعة الفاطميين سنة 387هـ، وأعلن بيعته لخلفاء بني العباس وأسس دولة بني حماد في الجزائر، وجعل عاصمته مدينة القلعة، وأسس أبناؤه مدينة بجاية سنة 460هـ/1067م، وشملت دولة بني حماد كل بلاد الجزائر، وهي دولة بربرية نشرت الأمن والعدل. انهارت دولة بني حماد على أثر هجرة أعراب بني هلال وبني سليم، وقد طبعت هذه القبائل العربية بلاد الجزائر بطابع عربي، وانتهى أمر بني حماد سنة 547هـ/1152م على أيدي دولة الموحدين.
عهد الموحدين
كان محمد بن تومرت قد أسس في المغرب الأقصى دولة الموحدين، ونجح خليفته عبد المؤمن بن علي بفتح بلاد الجزائر، وأنهى دولة بني حماد. وكان عهد الموحدين في الجزائر عهد أمن وسلام، وتعاونوا مع أعراب بني هلال وبني سليم الذين أُقطعوا أرضاً استقروا عليها وشاركوا في حملات الموحدين على الأندلس، واستمر حكم الموحدين في الجزائر نحو سبعين عاماً.
عهد بني زيان
قامت بتأسيس هذه الدولة قبيلة بني عبد الواد البربرية في غربي الجزائر، وتم إعلان استقلالها في مدينة تلمسان سنة 633هـ على يد يغمراسن، وقد صمد أمام قوتين كبيرتين هما الدولة الحفصية من الشرق في تونس، ودولة الموحدين من الغرب، ثم خلفتها دولة بني مرين التي جعلت مدينة فاس عاصمة لها، والتي انتهت على يدها دولة بني عبد الواد سنة 737هـ/ 1336م. وفي سنة 760هـ/1358م استعاد أحد أبناء أسرة عبد الواد، وهو أبو موسى حمو زياني مُلك أبناء عمه، واتخذت الدولة الجديدة اسم الدولة الزيانية، وازدهرت في عهدها تلمسان أمناً وعلماً، وحمل ملوكها لقب أمير المؤمنين، وعرفوا بتشجيع العلم وإكرام العلماء، وقد لجأ في عهد الأمير محمد الزياني سنة 898هـ/1492م إلى تلمسان آخر ملوك غرناطة أبو عبد الله الصغير من بني الأحمر، حين سقط عرشه بأيدي الإسبان، الذين بدؤوا بغزو موانئ أقطار المغرب، واحتلوا ميناء المرسى الكبير وميناء وهران في الجزائر سنة 915هـ/1509م، وكرد فعل لغزوات الإسبان والبرتغال، قامت حركات جهاد بحري إسلامي لمقاومة أعمال القرصنة والقتل والسلب، وظهر من أبطال الجهاد الأخوان عروج وخير الدين، واستشهد عروج على أرض الجزائر في قتاله مع الإسبان، وخلفه في قيادة حركة الجهاد أخوه خير الدين بربروسّا الذي استنجد بالدولة العثمانية في عهد سلطانها سليم الأول. انتهت دولة بني زيان بدخول الجزائر تحت السيادة العثمانية، وذلك على أثر دخول الملوك الزيانيين في حماية الإسبان، فأفتى مجلس العلماء في تلمسان بخلع آخرهم الحسن فلجأ إلى إسبانية وتوفي فيها.
الجزائر في العهد العثماني
تمتعت الجزائر بنوع من الاستقلال الداخلي تحت السيادة العثمانية منذ سنة 924هـ/1518م، وذلك على يد خير الدين بربروسّا. وبقي النفوذ في الجزائر لقادة البحر، وكان منهم غالباً حكام الجزائر الذين حمل واحدهم لقب داي، وهو الذي يعين حكام المقاطعات الثلاث، وهي قسنطينة ووهران وتيطري ومركزها المدية، ويلقب حاكم كل من هذه المقاطعات بلقب باي.
كانت حركة الجهاد البحري ـ وتُسميّها أوربة بالقرصنة ـ حركة وطنية ناشطة في سواحل الجزائر تخشاها أساطيل الدول الأوربية. استمرت حالة الجزائر على هذا النحو حتى كانت الأزمة بين الداي حسين والقنصل الفرنسي بيير دوفال، نتيجة بيع الجزائر كمية من القمح لفرنسة، والتي انتهت عام 1243هـ/1827م بطرد القنصل وتلويح الداي بمروحة كانت بيده أصابت وجه القنصل، وعدَّت فرنسة هذا العمل إهانة لها، وأعلنت الحرب على الجزائر، وحاصرت سفنها مدينة الجزائر، ولكن عملياتها العسكرية تأخرت بسبب انشغالها بتأييد ثورة اليونان ضد الدولة العثمانية.
الجزائر تحت الاحتلال الفرنسي
(1246-1382هـ/1830-1962م)
بدأت فرنسة احتلال الجزائر سنة 1830م، إذ انتهت معاركها الأولى باستسلام الداي حسين وسقوط العاصمة الجزائر بيد قواتها وتوقيع الداي وثيقة تسليم الجزائر وقلاعها.
ثم واجهت فرنسة في احتلالها للجزائر مقاومة شعبية بطولية ظهرت في المنطقة الشرقية بصمود قسنطينة ومقاومتها حتى سنة 1837م، وفي المنطقة الغربية بمقاومة (الأمير عبد القادر الجزائري)، الذي بايعته القبائل أميراً للجهاد سنة 1832م، واستمرت مقاومته 15 سنة، اضطر فيها القادة الفرنسيون أن يعقدوا معه معاهدة سنة 1834م، وحين نقضها الفرنسيون انتصر الأمير عليهم فعقدوا معه معاهدة تافنه 1837م، اعترفوا له فيها بحكم منطقة وهران، إضافة إلى ما كان يحكمه سابقاً. وقام الأمير بتنظيم دولته الجزائرية فضرب النقود وجهز الجيش ونظم الإدارة وأوجد مجلس شورى، لكن الفرنسيين نقضوا المعاهدة حين أرسلوا الجنرال بيجو Bugeaud، الذي ابتدأ حرباً تقوم على الإبادة الجماعية والأرض المحروقة، مما دفع الأمير للالتجاء إلى المغرب، لكن فرنسة هددت سلطان المغرب عبد الرحمن، وهزمت قواته وفرضت عليه توقيع معاهدة طنجة سنة 1844م، يلتزم فيها بإخراج الأمير عبد القادر من بلاده، مما اضطر الأمير أن يعود إلى الجزائر فتابع جهاده حتى اضطر في النهاية إلى مفاوضة الفرنسيين والاستسلام سنة 1847م، ونقل الأمير إثر ذلك إلى معتقل في جنوبي فرنسة.
بقي الأمير في معتقله حتى سنة 1852م، حيث أطلق سراحه الامبراطور نابليون الثالث، فأقام في بروسة بضيافة السلطان العثماني، ثم انتقل بعد عدة سنوات إلى دمشق، حيث أقام فيها حتى وفاته سنة 1301هـ/1883م. في سنة 1848م أعلن المجلس الوطني في فرنسة أن الجزائر أرض فرنسية، وبذلك ضمت الجزائر إلى فرنسة وبدأت سياسة الفَرْنَسة، واشتدت فرنسة في محاربة كل ما يقوي الشخصية الجزائرية من عروبة وإسلام.
وكثرت هجرة الفرنسيين إلى الجزائر، وتقديم المساعدات لكل مهاجر يستوطن الجزائر. وقد واجهت فرنسة ثورات كثيرة أهمها ثورة محمد المقراني 1288هـ/1871م، وثورة أولاد سيدي الشيخ 1299هـ/1881م، وعمدت السلطات الفرنسية إلى مصادرة الأراضي تحت أي مبرر، لمنحها للمستوطنين الفرنسيين، كما صادرت أراضي الأوقاف الإسلامية.
الجزائر بين الحربين العالميتين
جندت فرنسة أبناء الجزائر في الحرب العالمية الأولى عام 1333هـ/1914م، فأخذت أكثر من 250 ألف منهم جنوداً لا يعاملون معاملة الفرنسيين، قتل منهم في الحرب أكثر من 80 ألف جزائري.
بقيت الجزائر بين الحربين العالميتين تعاني من الاستعمار الفرنسي اضطهاداً للسكان ومحاولة لفرنستهم ونهباً لأرضهم وخيرات بلادهم، وقامت حركات وطنية لمقاومة هذه السياسة الاستعمارية، من أهمها حركة جمعية العلماء المسلمين التي أسسها عبد الحميد بن باديس[ر] سنة 1350هـ/1931م، وكان لهذه الجمعية دور كبير في محاربة سياسة الفَرنَسة اعتماداً منها على نشر التعليم بالعربية وإحياء الإسلام بعيداً عن البدع، وكانت تسعى إلى تقوية مقومات الشخصية الجزائرية متمثلة بالعربية والإسلام. وكان لهذه الجمعية مجلتان هما الشهاب والبصائر، وقد تابع نشاط الجمعية في نشر التعليم وفتح المدارس والوقوف بوجه الفَرْنسة بعد وفاة مؤسسها سنة 1359هـ/1940م رفيق جهاده الشيخ البشير الإبراهيمي.
ازداد الوعي بين الجزائريين في سنوات الحرب العالمية الثانية، وخاصة بعد هزيمة فرنسة في بدايتها أمام ألمانية، وانقسامها إلى دولتين إحداهما موالية للألمان، والثانية تتابع الحرب إلى جانب الحلفاء بقيادة الجنرال دوغول De Gaulle. وقد نجح الحلفاء بنزول قواتهم في الشمال الإفريقي وتحريره من قوات دول المحور سنة 1942م، وكان من مظاهر الوعي الوطني صدور بيان في عام 1943م، لمع فيه اسم عباس فرحات، وقد أتى البيان على السياسة الاستعمارية في الجزائر وعلى الوعود الفرنسية التي لم يتحقق منها شيء، مع التأكيد على حق تقرير المصير، ويطالب بدستور للجزائر يعترف بالعربية لغة رسمية وبحرية الدين، كما يطالب بالإفراج عن المسجونين السياسيين.
رفض الجنرال كاترو حاكم الجزائر باسم فرنسة الحرة البيان واعتقل عباس فرحات، ثم أصدر الجنرال دوغول بعض الإصلاحات التي رفضتها جمعية العلماء، كما رفضها عباس فرحات ورفضها حزب الشعب الذي كان يرأسه مصالي الحاج، وكان معظم نشاطه في فرنسة.
وقد صدر العفو عن عباس فرحات، وكوّن مع جمعية العلماء وحزب الشعب ما عرف باسم أنصار أو أصدقاء البيان والحرية. وازداد الصراع بين الحركة الوطنية المتنامية وبين السلطات الفرنسية حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، وحل يوم 8 أيار 1365هـ/1945م وهو يوم احتفال العالم بانتصار الحلفاء على دول المحور، وخرج الجزائريون بمظاهرات، وقد رفعوا علم الجزائر ولافتات تُسقِّط الاستعمار وتنادي بالحرية والاستقلال، وقمَعَ الجند الفرنسي تلك الحركة الوطنية في معظم مدن الجزائر، وقتل من الجزائريين نحو 45 ألف شهيد، وعرفت هذه المذابح باسم مذبحة قسنطينة، وكان للمستوطنين اليد الطولى في أعمالها الإجرامية، وكانت هذه المجازر الشرارة التي فجرت الوضع العام وجعلت الجزائريين يتأكدون أن العقلية الاستعمارية مازالت تسيطر على الفرنسيين، ولابد من متابعة أعمال المقاومة لتحقيق الحرية والاستقلال، وبدأ الاستعداد للثورة.
الثورة الجزائرية الكبرى (1374هـ/1954م)
تجمّعت معظم الأحزاب والجماعات الجزائرية، وأهمها حزب الشعب وجمعية العلماء في تنظيم واحد، عرف باسم جبهة التحرير الوطني الجزائرية، وقررت السير في طريق الثورة المسلحة، التي انطلقت في 1 تشرين الثاني 1954، وتمكنت بعد نضال دام سبع سنوات من تحقيق الحرية والاستقلال. وتولى رئاسة الجمهورية الجزائرية المستقلة أحمد بن بلاّ وهو أحد قادة جبهة التحرير، وأصبحت الجزائر عضواً في جامعة الدول العربية، وقامت بتوزيع الأراضي على الفلاحين، واتبعت سياسة عربية.
ومازالت تتابع سياستها العربية في عهود رؤسائها المتتابعين محاولة التغلب على بعض مشكلاتها التي خلفها الاستعمار طوال سنوات امتدت أكثر من قرن وربع.
وقد أُطلق على معظم السكان الأصليين في بلاد المغرب اسم البربر، ويعيد بعض الدارسين هذه الكلمة إلى لفظ لاتيني قديم هو Barbarus، أطلقه الرومان على سكان البلاد. في حين يعتقد آخرون أن العرب المسلمين هم الذين أطلقوا هذا الاسم على سكان الشمال الإفريقي عند الفتح العربي الإسلامي، ومن المؤكد أن العرب المسلمين أطلقوا اسم البربر على جميع السكان الأصليين، في حين أطلق البربر على أنفسهم اسم الأمازيغ[ر]، وتعني السادة الأحرار -كما سماهم بذلك ابن خلدون- ويرى أن هذه التسمية جاءتهم لكونهم أبناء مازيغ بن كنعان بن حام، ويقسم النسّابة البربر إلى قسمين هما: البرانس وهم سكان المدن والقرى المستقرون المتحضرون، والبتر وهم سكان الخيام أي أهل البداوة.
أما في العصور التاريخية، فقد ذكر العلماء أن أولى الموجات البشرية التي وصلت إلى بلاد المغرب هي الموجة الفينيقية التي جاءت من سواحل بلاد الشام عن طريق البحر، وبدأت بتأسيس مدينة قرطاجة في تونس، ومنها انتشروا غرباً، أي إلى بلاد الجزائر ومراكش. ويعود تاريخ هذه الموجة الفينيقية الكنعانية، إلى الألف الثانية قبل الميلاد، وكانت هجرة الفينيقيين من أهم الهجرات التي طبعت الجزائر بطابعها الحضاري، وهم تجار مغامرون سيطرت سفنهم على مياه البحر المتوسط، وأسسوا مراكز لهم على سواحل الجزائر أهمها جيجل (عنابة)، وحدث اختلاط بينهم وبين البربر، وكانت مدينة قرطاجة في تونس جوهرة المدن الفينيقية في الشمال الإفريقي.
عهد الرومان والروم
انتهت حياة قرطاجة وبقية المدن الفينيقية في الشمال الإفريقي على أيدي الرومان الذين أحرقوا المدن ودمروها وقتلوا كثيراً من أهلها. وبدأت حروب طويلة بين البربر والرومان من أجل الحرية والاستقلال، وكانت ثورات البربر لا تنقطع في وجه الاستعمار الروماني الذي بقي في الشمال الإفريقي حوالي ستة قرون، انتشر خلالها الخراب والفقر والظلم. انتهى عهد الرومان في الشمال الإفريقي في بدايات القرن الخامس (429م)، وذلك على أيدي الواندال Vandales بقيادة ملكهم غنزريك Genseric. وفي عام 533م فقد الواندال سيطرتهم على الشمال الإفريقي على أيدي الروم حكام القسطنطينية.
العهد العربي الإسلامي
في عهد الخليفة الراشدي الثالث عثمان بن عفان، كانت بداية الفتح العربي الإسلامي للشمال الإفريقي على يد عبد الله بن سعد بن أبي سرح[ر] سنة 26هـ/646م، الذي انتصر على جموع الروم ومن حالفهم من البربر، وبدأت حروب طويلة استمرت حتى عهد أول خليفة أموي، معاوية بن أبي سفيان، الذي عهد بمهمة الفتح في إفريقية إلى القائد الشاب عقبة بن نافع[ر]، وهو الذي أسس مدينة القيروان في تونس، وواصل الزحف حتى وصل إلى مياه الأطلسي، واستشهد في أثناء عودته في معركة استشهادية في أرض الجزائر مع مجموعة من جنده في منطقة تهوذة جنوبي جبال أوراس، حيث أقيم على قبره مسجد ومزار يعرف اليوم باسم سيدي عقبة، وكان ذلك سنة 63هـ/682م . وتولى أعمال الفتح بعده حسان بن النعمان[ر] واعتنق معظم البربر الإسلام نتيجة معاملة العرب المسلمين لهم وتعايشهم معهم، وأخلصوا في إسلامهم وانضموا إلى عمليات الفتح في الأندلس، وبذلك أصبح الشمال الإفريقي ولاية من ولايات الدولة العربية الإسلامية ومركزها مدينة القيروان.
في سنة 160هـ/776م تأسست في المغرب الأوسط، على يد قاضي القيروان عبد الرحمن بن رستم، دولة إسلامية مستقلة، هي الدولة الرستمية وعاصمتها تاهرت، وهي دولة بربرية إباضية المذهب، بسطت سلطانها على أنحاء الجزائر، ودامت نحو قرن ونصف، ثم أصابها الضعف وقضى عليها الفاطميون.
العهد الفاطمي
في أواخر القرن الثاني الهجري، قسمت بلاد الجزائر بين نفوذ دولتين، هما دولة الأغالبة، وكان مركزها القيروان، وقد أسسها إبراهيم بن الأغلب[ر] في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد، الذي منح حكامها الأغالبة استقلالاً إدارياً وحكماً وراثياً، وامتد نفوذهم إلى شرقي الجزائر. في حين كان غربي بلاد الجزائر يخضع للدولة الرستمية، إلى أن قامت الدولة العبيدية ـ الفاطمية، وهي دولة شيعية المذهب، وقد نجح داعيتها أبو عبد الله الشيعي بالقضاء على دولة الأغالبة في تونس سنة 296هـ/902م، وأصبحت بلاد الجزائر كلها تحت سيطرة هذه الدولة الجديدة العبيدية، نسبة إلى مؤسسها عبيد الله بن محمد الملقب بالمهدي، والذي اتخذ من المهدية عاصمة له. وعرفت الجزائر وبقية مناطق المغرب أمناً واستقراراً وازدهاراً في عهد هذه الدولة التي اشتهرت باسم الدولة الفاطمية.
عندما رحل المعز لدين الله الفاطمي إلى مصر واتخذها قاعدة لدولته الكبرى، استخلف على الشمال الإفريقي بلكين بن زيري، وهو مؤسس دولة صنهاجة في تونس، ومن ملوك هذه الدولة حماد الصنهاجي، الذي خلع بيعة الفاطميين سنة 387هـ، وأعلن بيعته لخلفاء بني العباس وأسس دولة بني حماد في الجزائر، وجعل عاصمته مدينة القلعة، وأسس أبناؤه مدينة بجاية سنة 460هـ/1067م، وشملت دولة بني حماد كل بلاد الجزائر، وهي دولة بربرية نشرت الأمن والعدل. انهارت دولة بني حماد على أثر هجرة أعراب بني هلال وبني سليم، وقد طبعت هذه القبائل العربية بلاد الجزائر بطابع عربي، وانتهى أمر بني حماد سنة 547هـ/1152م على أيدي دولة الموحدين.
عهد الموحدين
كان محمد بن تومرت قد أسس في المغرب الأقصى دولة الموحدين، ونجح خليفته عبد المؤمن بن علي بفتح بلاد الجزائر، وأنهى دولة بني حماد. وكان عهد الموحدين في الجزائر عهد أمن وسلام، وتعاونوا مع أعراب بني هلال وبني سليم الذين أُقطعوا أرضاً استقروا عليها وشاركوا في حملات الموحدين على الأندلس، واستمر حكم الموحدين في الجزائر نحو سبعين عاماً.
عهد بني زيان
قامت بتأسيس هذه الدولة قبيلة بني عبد الواد البربرية في غربي الجزائر، وتم إعلان استقلالها في مدينة تلمسان سنة 633هـ على يد يغمراسن، وقد صمد أمام قوتين كبيرتين هما الدولة الحفصية من الشرق في تونس، ودولة الموحدين من الغرب، ثم خلفتها دولة بني مرين التي جعلت مدينة فاس عاصمة لها، والتي انتهت على يدها دولة بني عبد الواد سنة 737هـ/ 1336م. وفي سنة 760هـ/1358م استعاد أحد أبناء أسرة عبد الواد، وهو أبو موسى حمو زياني مُلك أبناء عمه، واتخذت الدولة الجديدة اسم الدولة الزيانية، وازدهرت في عهدها تلمسان أمناً وعلماً، وحمل ملوكها لقب أمير المؤمنين، وعرفوا بتشجيع العلم وإكرام العلماء، وقد لجأ في عهد الأمير محمد الزياني سنة 898هـ/1492م إلى تلمسان آخر ملوك غرناطة أبو عبد الله الصغير من بني الأحمر، حين سقط عرشه بأيدي الإسبان، الذين بدؤوا بغزو موانئ أقطار المغرب، واحتلوا ميناء المرسى الكبير وميناء وهران في الجزائر سنة 915هـ/1509م، وكرد فعل لغزوات الإسبان والبرتغال، قامت حركات جهاد بحري إسلامي لمقاومة أعمال القرصنة والقتل والسلب، وظهر من أبطال الجهاد الأخوان عروج وخير الدين، واستشهد عروج على أرض الجزائر في قتاله مع الإسبان، وخلفه في قيادة حركة الجهاد أخوه خير الدين بربروسّا الذي استنجد بالدولة العثمانية في عهد سلطانها سليم الأول. انتهت دولة بني زيان بدخول الجزائر تحت السيادة العثمانية، وذلك على أثر دخول الملوك الزيانيين في حماية الإسبان، فأفتى مجلس العلماء في تلمسان بخلع آخرهم الحسن فلجأ إلى إسبانية وتوفي فيها.
الجزائر في العهد العثماني
تمتعت الجزائر بنوع من الاستقلال الداخلي تحت السيادة العثمانية منذ سنة 924هـ/1518م، وذلك على يد خير الدين بربروسّا. وبقي النفوذ في الجزائر لقادة البحر، وكان منهم غالباً حكام الجزائر الذين حمل واحدهم لقب داي، وهو الذي يعين حكام المقاطعات الثلاث، وهي قسنطينة ووهران وتيطري ومركزها المدية، ويلقب حاكم كل من هذه المقاطعات بلقب باي.
كانت حركة الجهاد البحري ـ وتُسميّها أوربة بالقرصنة ـ حركة وطنية ناشطة في سواحل الجزائر تخشاها أساطيل الدول الأوربية. استمرت حالة الجزائر على هذا النحو حتى كانت الأزمة بين الداي حسين والقنصل الفرنسي بيير دوفال، نتيجة بيع الجزائر كمية من القمح لفرنسة، والتي انتهت عام 1243هـ/1827م بطرد القنصل وتلويح الداي بمروحة كانت بيده أصابت وجه القنصل، وعدَّت فرنسة هذا العمل إهانة لها، وأعلنت الحرب على الجزائر، وحاصرت سفنها مدينة الجزائر، ولكن عملياتها العسكرية تأخرت بسبب انشغالها بتأييد ثورة اليونان ضد الدولة العثمانية.
الجزائر تحت الاحتلال الفرنسي
(1246-1382هـ/1830-1962م)
بدأت فرنسة احتلال الجزائر سنة 1830م، إذ انتهت معاركها الأولى باستسلام الداي حسين وسقوط العاصمة الجزائر بيد قواتها وتوقيع الداي وثيقة تسليم الجزائر وقلاعها.
ثم واجهت فرنسة في احتلالها للجزائر مقاومة شعبية بطولية ظهرت في المنطقة الشرقية بصمود قسنطينة ومقاومتها حتى سنة 1837م، وفي المنطقة الغربية بمقاومة (الأمير عبد القادر الجزائري)، الذي بايعته القبائل أميراً للجهاد سنة 1832م، واستمرت مقاومته 15 سنة، اضطر فيها القادة الفرنسيون أن يعقدوا معه معاهدة سنة 1834م، وحين نقضها الفرنسيون انتصر الأمير عليهم فعقدوا معه معاهدة تافنه 1837م، اعترفوا له فيها بحكم منطقة وهران، إضافة إلى ما كان يحكمه سابقاً. وقام الأمير بتنظيم دولته الجزائرية فضرب النقود وجهز الجيش ونظم الإدارة وأوجد مجلس شورى، لكن الفرنسيين نقضوا المعاهدة حين أرسلوا الجنرال بيجو Bugeaud، الذي ابتدأ حرباً تقوم على الإبادة الجماعية والأرض المحروقة، مما دفع الأمير للالتجاء إلى المغرب، لكن فرنسة هددت سلطان المغرب عبد الرحمن، وهزمت قواته وفرضت عليه توقيع معاهدة طنجة سنة 1844م، يلتزم فيها بإخراج الأمير عبد القادر من بلاده، مما اضطر الأمير أن يعود إلى الجزائر فتابع جهاده حتى اضطر في النهاية إلى مفاوضة الفرنسيين والاستسلام سنة 1847م، ونقل الأمير إثر ذلك إلى معتقل في جنوبي فرنسة.
بقي الأمير في معتقله حتى سنة 1852م، حيث أطلق سراحه الامبراطور نابليون الثالث، فأقام في بروسة بضيافة السلطان العثماني، ثم انتقل بعد عدة سنوات إلى دمشق، حيث أقام فيها حتى وفاته سنة 1301هـ/1883م. في سنة 1848م أعلن المجلس الوطني في فرنسة أن الجزائر أرض فرنسية، وبذلك ضمت الجزائر إلى فرنسة وبدأت سياسة الفَرْنَسة، واشتدت فرنسة في محاربة كل ما يقوي الشخصية الجزائرية من عروبة وإسلام.
وكثرت هجرة الفرنسيين إلى الجزائر، وتقديم المساعدات لكل مهاجر يستوطن الجزائر. وقد واجهت فرنسة ثورات كثيرة أهمها ثورة محمد المقراني 1288هـ/1871م، وثورة أولاد سيدي الشيخ 1299هـ/1881م، وعمدت السلطات الفرنسية إلى مصادرة الأراضي تحت أي مبرر، لمنحها للمستوطنين الفرنسيين، كما صادرت أراضي الأوقاف الإسلامية.
الجزائر بين الحربين العالميتين
جندت فرنسة أبناء الجزائر في الحرب العالمية الأولى عام 1333هـ/1914م، فأخذت أكثر من 250 ألف منهم جنوداً لا يعاملون معاملة الفرنسيين، قتل منهم في الحرب أكثر من 80 ألف جزائري.
بقيت الجزائر بين الحربين العالميتين تعاني من الاستعمار الفرنسي اضطهاداً للسكان ومحاولة لفرنستهم ونهباً لأرضهم وخيرات بلادهم، وقامت حركات وطنية لمقاومة هذه السياسة الاستعمارية، من أهمها حركة جمعية العلماء المسلمين التي أسسها عبد الحميد بن باديس[ر] سنة 1350هـ/1931م، وكان لهذه الجمعية دور كبير في محاربة سياسة الفَرنَسة اعتماداً منها على نشر التعليم بالعربية وإحياء الإسلام بعيداً عن البدع، وكانت تسعى إلى تقوية مقومات الشخصية الجزائرية متمثلة بالعربية والإسلام. وكان لهذه الجمعية مجلتان هما الشهاب والبصائر، وقد تابع نشاط الجمعية في نشر التعليم وفتح المدارس والوقوف بوجه الفَرْنسة بعد وفاة مؤسسها سنة 1359هـ/1940م رفيق جهاده الشيخ البشير الإبراهيمي.
ازداد الوعي بين الجزائريين في سنوات الحرب العالمية الثانية، وخاصة بعد هزيمة فرنسة في بدايتها أمام ألمانية، وانقسامها إلى دولتين إحداهما موالية للألمان، والثانية تتابع الحرب إلى جانب الحلفاء بقيادة الجنرال دوغول De Gaulle. وقد نجح الحلفاء بنزول قواتهم في الشمال الإفريقي وتحريره من قوات دول المحور سنة 1942م، وكان من مظاهر الوعي الوطني صدور بيان في عام 1943م، لمع فيه اسم عباس فرحات، وقد أتى البيان على السياسة الاستعمارية في الجزائر وعلى الوعود الفرنسية التي لم يتحقق منها شيء، مع التأكيد على حق تقرير المصير، ويطالب بدستور للجزائر يعترف بالعربية لغة رسمية وبحرية الدين، كما يطالب بالإفراج عن المسجونين السياسيين.
رفض الجنرال كاترو حاكم الجزائر باسم فرنسة الحرة البيان واعتقل عباس فرحات، ثم أصدر الجنرال دوغول بعض الإصلاحات التي رفضتها جمعية العلماء، كما رفضها عباس فرحات ورفضها حزب الشعب الذي كان يرأسه مصالي الحاج، وكان معظم نشاطه في فرنسة.
وقد صدر العفو عن عباس فرحات، وكوّن مع جمعية العلماء وحزب الشعب ما عرف باسم أنصار أو أصدقاء البيان والحرية. وازداد الصراع بين الحركة الوطنية المتنامية وبين السلطات الفرنسية حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، وحل يوم 8 أيار 1365هـ/1945م وهو يوم احتفال العالم بانتصار الحلفاء على دول المحور، وخرج الجزائريون بمظاهرات، وقد رفعوا علم الجزائر ولافتات تُسقِّط الاستعمار وتنادي بالحرية والاستقلال، وقمَعَ الجند الفرنسي تلك الحركة الوطنية في معظم مدن الجزائر، وقتل من الجزائريين نحو 45 ألف شهيد، وعرفت هذه المذابح باسم مذبحة قسنطينة، وكان للمستوطنين اليد الطولى في أعمالها الإجرامية، وكانت هذه المجازر الشرارة التي فجرت الوضع العام وجعلت الجزائريين يتأكدون أن العقلية الاستعمارية مازالت تسيطر على الفرنسيين، ولابد من متابعة أعمال المقاومة لتحقيق الحرية والاستقلال، وبدأ الاستعداد للثورة.
الثورة الجزائرية الكبرى (1374هـ/1954م)
تجمّعت معظم الأحزاب والجماعات الجزائرية، وأهمها حزب الشعب وجمعية العلماء في تنظيم واحد، عرف باسم جبهة التحرير الوطني الجزائرية، وقررت السير في طريق الثورة المسلحة، التي انطلقت في 1 تشرين الثاني 1954، وتمكنت بعد نضال دام سبع سنوات من تحقيق الحرية والاستقلال. وتولى رئاسة الجمهورية الجزائرية المستقلة أحمد بن بلاّ وهو أحد قادة جبهة التحرير، وأصبحت الجزائر عضواً في جامعة الدول العربية، وقامت بتوزيع الأراضي على الفلاحين، واتبعت سياسة عربية.
ومازالت تتابع سياستها العربية في عهود رؤسائها المتتابعين محاولة التغلب على بعض مشكلاتها التي خلفها الاستعمار طوال سنوات امتدت أكثر من قرن وربع.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى